الصفحة الرئيسية  رياضة

رياضة بدر شامخ: بطل افريقيا في الكيك بوكسينغ وصاحب 3 ألقاب عالمية، والدولة "مش موجودة"...

نشر في  17 جوان 2018  (16:32)

ما تزال الرياضات الفردية تعاني التهميش في تونس رغم ما يحرزه الرياضيون من نتائج جد مشرفة. اليوم موقع الجمهورية يلتقي بطل إفريقيا أصيل ولاية مدنين ويفتح معه باب النجاحات في فصول خيبات بإمضاء الوطن…

لقاء جاء بعد مواعيد سابقة كان ضيفنا حينها خارج حدود الوطن يُسطر عودته اليه بعد جولة رياضية بين أمريكا وتايلندا.

تحيلت عليه الدولة، فكان منعرجا  للاحتراف...

كان وجهه، رغم صغر سنه، عند أول مصافحة معه يخفي على المتمعن قصة كفاح، أما ظاهره فتغلب عليه ملامح التحدي والرغبة في الوصول إلى الهدف، بدر شامخ إبن الـ24 سنة أصيل منطقة شوامخ من معتمدية بني خداش بولاية مدنين بطل إفريقيا لموسم 2016 في رياضة الكيك بوكسينغ ومتحصل على 3 ألقاب دولية لموسمي 2017 و2018.

بضحكة خفيفة، وبعد أخذ ورد في حديث دام لساعتين على الأقل، قال محدثنا: "خذلني وطني ومع ذلك رفضت رفع علم مقاطعة تكساس الأمريكية وراهنت على تونس وسأبقى أراهن على الأحمر والأبيض".

انطلقت رحلة بدر شامخ وعمره 10 سنوات، حيث قرر والداه إقحامه عالم الرياضة لما كان يتميز من نشاط "كنت شيطان برشا حتى أن المدربين لاحظوا تميزي في رياضة الكيك بوكسينغ مقارنة ببقية أقراني".

سنة 2004/2005، التقى شامخ بأول منافس له بمدنين لتكون خسارة الجولات الطريق الذي سطر من بعده نجاحات وطنية ودولية أحرز خلالها في عالم الهواة عديد الميداليات جلّها كانت ذهبية وفي الإحتراف الكثير من الألقاب.

ضحك بدر وأخذ نفسا عميقا وهو يسترجع حلما بنته له الدولة وتحطم قبل أن يولد: "في 2016، التقيت هنا بمدنين بمدرب المنتخب الوطني في الكيك بوكسينغ والحكم الدولي في الملاكمة العربية وطلبا مني لقاء لاعب جزائري محترف بفرنسا في إطار البطولة الإفريقية للملاكمة العربية لسنة مقابل مبلغ قيمته 80 ألف دينار ولكن المبلغ سُرق مني..." وسكت محدثنا دون أن يخوض في تفاصيل أكثر.

والمعروف في تونس، أن الرياضات الفردية لا تلقى الدعم الكافي من مؤسسات الدولة على غرار الحكومة او وزارة الشباب والرياضة وأيضا الجامعة التونسية ومنها الكيك بوكسينغ المنخرط بها عديد الشباب المتميز في هذه المجال. وكما يقول المثل التونسي" الإسم العالي والمربط الخالي" لعدم قدرتها أي الوزارة على الدعم والدفع نحو مزيد التألق والمساعدة وفق ما ذكره ضيفنا شامخ.

أحلام كثيرة بناها الشاب شامخ على المبلغ المزعوم بعد فوزه في 5 جولات ببنزرت في إطار البطولة الإفريقية التي حضرها رئيس الجامعة آنذاك، إلا أن كل ذلك تبخر وصُدت جميع السبل لنيل ولو جزء منه وكانت الخيبة الأولى لشاب مع دولته.. وفي المقابل مثّل ذلك منعرجا نحو الاحتراف بجدارة كما يقول.

رغم الإغراءات، الفوز لتونس...

حاول بدر كما أكد في حديثه الإتصال بوزارة الشباب والرياضة وتحول إلى العاصمة مرات كثيرة للمطالبة بمستحقاته كما ينص عليه الاتفاق ولكنه جوبه بالمماطلة والتسويف وفي بعض الأحيان لا يفلح حتى في ترك مطلب للقاء الوزيرة...

وأضاف الشاب الرياضي أنه تلقى بعد الفوز عرض تربص من الدولة التايلندية "وجدت نفسي  جاهزا للعب من أجل لقب معترف به عالميا ونجحت بالضربة القاضية في الجولة الثانية"، ليعود إلى تونس بعد شهر ونصف دون أن يكون في إستقباله أحد كما جرت به العادة في النجاحات التي تمثل الدولة، بإستثناء أصحابه وعائلته.

مسيرة الـ14 سنة لم تكن الدولة حاضرة فيها وغابت وزارة الشباب والرياضة عن فرحة التتويجات بعلم تونس، وأمام كل ذلك أكد ضيفنا الشاب أنه رفض إمضاء عقد مغري في أمريكا للعب مقابلة ضد مغربي الجنسية مقابل رفع علم مقاطعة تكساس المنظمة للبطولة "لأني ببساطة ألعب على درابو تونس".

وما بعد الخيبات،

يواصل بدر سرد ما يخفيه في قلبه من عثرات وعقبات كانت تعترضه عند كل رحلة خارجة أرض الوطن، إذ تتظافر  جهود الأصدقاء والأقارب تتصدرهم عائلته حسب ما جاء على لسانه لجمع الأموال بغاية إقتناء تذكرة السفر وخلاص الإقامة في ظل مماطلة السلط المحلية وإدارة الإشراف منها ولاية مدنين ومندوبية الشباب والرياضة.

ونجح بدر كما روى لنا في نيل 3 ألقاب على التوالي سنتي 2017 و2018 وهي الحزام الذهبي وكأس أحسن لاعب وآخرها بطل "ماكس مواي طاي" بتايلندا ضد لاعبين محترفين لتزيده خسارة لقب بطل أوروبا العزم لمواصلة المشوار.

وكانت وزارة الإشراف تسببت في خسارة محدثنا للقب بطل أوروبا لعدم تسريعها في ملف التأشيرة والإبقاء على ملفه في الرفوف كما جاء على لسانه "تلقيت دعوة للمشاركة في بطولة بطل أوروبا ونظرا لأهمية البطولة وقيمتها خيرت التوجه بوثائقي لوزارة الشباب والرياضة للتدخل والإسراع في تمكيني من تأشيرة السفر إلى فرنسا ربحا للوقت إلا ان هذه الأخيرة وضعت الملف جانبا وخسرت الرهان".

وكان ضيفنا يطمح في نيل اللقب باسم تونس رغم توصيات كبيرة من القريب والبعيد بعدم الإعتماد على الوزارة إلا أنه أصر على قراره.

وشدد شامخ على أنّ غياب الدولة لن يثنيه عن مواصلة مشوار الإحتراف وتسجيل إسمه في سجل المحترفين العالميين متمسكا بتتبع وزارة الشباب للحصول على مستحقاته والتعويض على كل المصاريف التي دفعها لرفع علم تونس.

إنتهى اللقاء برسالة وجهها ضيفنا إلى رئيس الحكومة يوسف الشاهد ويدعو فيها بضرورة الاهتمام بالشباب  المحترف في الرياضات الفردية وإعطائهم الأهمية اللازمة لدعمهم ومزيد الدفع بنجاحاتهم في ظروف قاسية تنعدم فيها حتى أبسط سبل التدريب الفردي.

نعيمة خليصة