الصفحة الرئيسية  أخبار وطنية

أخبار وطنية اول قضية عدالة انتقالية: كمال المطماطي مازالت جثته تحت احدى القناطر بتونس العاصمة

نشر في  01 جوان 2018  (13:34)

 بقلم عصام الدين قمودي (مستشار قانوني)

يوم  29 ماي 2018 يوم يجب أن يذكره التاريخ ، هو تاريخ  أولى محاكمات العدالة الانتقالية ، تلك القضايا التي تولت هيئة الحقيقة و الكرامة التحقيق فيها ، حيث تشهد المحكمة الابتدائية  بقابس محاكمة قتلة كمال المطماطي الذي أخفاه النظام بطريقة قسرية منذ ما يزيد عن 27 سنة.

كمال بن علي بن التوهامي المطماطي عمل كمساعد مهندس بفرع شركة الكهرباء و الغاز في قابس ، كان عنصرا نقابيا و ناشطا سياسيا بحركة الاتجاه الاسلامي ، كان الضحية الخالي من أي سوابق عدلية يتعرض للهرسلة من قبل أمن الدولة بطريقة متواصلة.

تروي زوجته كيفية اعتقاله يوم 7 أكتوبر لسنة 1991 ، حيث تمت مداهمته بمقر عمله في شركة الكهرباء و الغاز فرع قابس و تم اقتياده الى احد مكاتب المصالح المختصة بمنطقة قابس ، انطلق الاعوان في تعنيفه من لحظة وصوله ، أغمي عليه بسبب كسور على مستوى اليدين ، واصل اعوان المصلحة المختصة الاعتداء عليه حتى بعد أن اشار احد الموقوفين رفقته و الذي كان طبيبا ان الكسور على درجة كبيرة من الخطورة قائلين " الأفلام هذي   رينا منها برشا " ،

واصلوا الاعتداء عليه بهراوات خشبية حتى سقط مغشيا عليه و فارق الحياة بشكل شبه حيني ، بدأ الأعوان يذعرون و أشاروا للمعتقل الذي يرافقه قائلين " ايجا ايجا شوفو يا طبيب " ، اقترب منه لجس نبضه  ثم صرخ بشكل هستيري " مات مات مات " ، قام الأعوان على الفور بسحب الجثة الى خارج المكتب ،

واصلوا ايهام الموقوفين رفقته بأنه تم نقله لمقر وزارة الداخلية بتونس لاستكمال التحقيق معه ، في حين انه كان جثة هامدة في صندوق سيارة متوجهة لمستشفى قوات الامن بالمرسى ، حيث تم تسليم الجثة لعنصرين في انتظارها  ثم تم التوجه الى وزارة الداخلية لإعلام القيادات باستكمال المهمة ثم العودة لولاية قابس.

في اليوم التالي لوفاة كمال حاولت زوجته الاستدلال على مكانه فتم اجابتها انه لم يتم اعتقاله  و انهم لا يعلمون عنه شيئا رغم ورود اسمه في سجلات الموقوفين.

لاحقا صرح عبد الفتاح مورو عضو حركة الاتجاه الاسلامي سابقا ان طبقا لمعلومات من قيادات امنية فان جثة كمال تم طمسها في اساس اسمنتي لقنطرة كانت قيد البناء في ذلك الوقت.

صرحت أم الفقيد في شهادات هيئة الحقيقة و الكرامة: "عشت كذبة كبرى طيلة ثلاث سنوات ، أزور السجن بانتظام ، أحمل ( القفّة ) لابني ، حريصة على أن يكون طبخ يديّ ، هو طعامه  ثمّ اكتشفت الحقيقة ! لم يكن يتناول شيئا من طعامي ، لأنّه ببساطة ، كان متوفّى.. "

اليوم يحاكم ارهابيو الدولة ، دون أن يمثلوا امام المحكمة الابتدائية بقابس، رغم هذا تبقى هذه المحاكمة أول طريق العدالة بالنسبة للكثيرين الذين شهدوا الظلم ، سقط بعضهم شهيد رأيه، و عاش البعض الآخر ليرى جلاديه وراء القضبان.