أخبار وطنية خاص: الكلمات الأخيرة للمفكر الراحل محمد الطالبي عن السعادة والموت ولقائه بالله

توفي فجر الاثنين الباحث والمفكر التونسي محمد الطالبي عن عمر يناهز الـ96 سنة. وللإشارة فإنّ الراحل هو أستاذ جامعي وعالم إسلامي تونسي ولد في تونس العاصمة سنة 1921، درس بالمدرسة الصادقية ثم بجامعة السوربون بباريس حيث حصل على شهادة الدكتوراه، وهو أول عميد لكلية الآداب في جامعة تونس سنة 1955.
وقد دعا محمد الطالبي إلى القراءة من ناقلات القرآن الكريم الذي هو مراعاة القصد من الكتاب المقدس وليس الأحكام الصادرة في حقبة ماضية، وطالما اعتبر
الأستاذ الطالبي نفسه انه مسلم قرآني أي انه يؤمن بكل ما جاء في القرآن الذي نزل على الرسول محمد ے كما انّه يطبق في حياته الأركان الخمسة للإسلام..
فإيمانه قرآني بحت لكنه يرفض الشريعة التي يعتبرها منتوجا فكريا للانسان وقع تدوينها قرنين بعد موت الرسول ے وحثت حسب قوله المسلم على تعاطي العنف والترويع خلافا لجوهر القرآن الذي يحثّ الانسان على الايمان عن اقتناع لأنه حرّ ومسؤول عن كل ما يفعله في حياته.. والأستاذ الطالبي يؤمن بالقرآن وبالرسول الذي أتى للبشرية بكلام الله لكنه يرفض الشريعة والسنة النبوية التي دونها علماء دين. وللتذكير فإنّ الدكتور الطالبي كان من أشرس معارضي الرئيس بن علي.
في ذات الاطار نذكر بأنّه في خضم الجدل الذي كان قائما بخصوص أفكار المفكر الكبير الراحل محمد الطالبي أجرت صحيفة أخبار الجمهورية معه حوارا مطوّلا قدّم فيه أهم أفكاره التي حارب من أجلها ومات من أجل خلودها من بينها تأكيده بأنه لا فصل ولا فرق بين السنة التي توافق كتاب الله والقرآن فكلاهما يقولان نفس الشيء لأنّ السنة تعيد ما يوجد في القرآن وتشرحه على حد تعبيره معنا..
وعن موقفه بشأن توظيف الدين لأغراض سياسية، افاد المفكر الراحل في حواره مع أخبار الجمهورية أنها تعتبر "البليّة الكبرى وأول من وضعنا فيها هو الخليفة عثمان بن عفان، فعندما ثار وتمرّد عليه أهل مصر وأهل المدينة كفرهم واستنجد بمعاوية فلم ينجده في الإبان، وكان أول من وظّف الدين في السياسة وطوّعه لكي يبلغ مراده عن طريق التكفير بغير حقّ ومنذ ذلك الحين ومسألة توظيف الدين في السياسة مستمرة ومتواصلة".
هذا كما اعتبر انّ الشيخ يوسف القرضاوي "شيخ فتنة، لكنّ مقارباته لا تدعو إلى استعمال القوة والسيف لبلوغ الغاية التي تجمع كلّ السلفيين، هو يرى أنه يكفي أن يسلك سبيل التعليم وتكييف عقول الناس في كل المدارس حتى يصبحوا كـ»الروبوهات» يقولون ما يقوله الشيخ وينفذون ما يأمرهم به ويتقبلوا بعد ذلك مسألة تطبيق الشريعة ويقتنعون بها دون تفكير."
وبعبارات توحي بأنه يودع هذا العالم أسّر إلينا المفكر الراحل محمد الطالبي قائلا إنّه لا يخاف إلا الله والله محبة، وأضاف "خوفي من الله هو خشية منه لأنه يجمع من العظمة والكبرياء ما لا يتصوره العقل وعشقي لهذا الإله شديد. وأرجو أن ألقى الرحمان الرحيم الرؤوف بالعباد بقلب سليم فيه محبته".
وعن مفهومه للسعادة أفاد "مفهومها عبرت عنه هذه الآية وكتبتها على لوحة في بيتي «وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ"
وحول كلماته الأخيرة عن الموت قال الراحل أنّ الموت بالنسبة له هو "باب نخرج منه من جنّة الله الدنيوية التي زينها لنا وقد قال لنا الله فيها أن من يحرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة..وننتقل بعدها إلى زينة الآخرة وهي أكمل وأجمل وأروع وباقية خالدة."
رحم الله المفكر محمد الطالبي ونسأل الله العليّ القدير أن يتغمّده بواسع رحمته و يرزق أهله و ذويه جميل الصبر و السلوان…
وفي الختام تجدر الإشارة الى ان الراحل ترك العديد من المؤلفات القيمة نذكر منها مرافعة من أجل إسلام معاصر سنة 1995 وكونية القرآن …. مفكر حر في الإسلام سنة 2002 وليطمئن قلبي سنة 2008 و الإسلام ليس حجابا..
منارة تليجاني