الصفحة الرئيسية  ثقافة

ثقافة في مثل هذا اليوم من سنة 1912 تكلّم التاريخ فنطق: يوم أعدم المنوبي "الجرجار" صحبة رفيقه الشاذلي القطاري بمقصلة المستعمر

نشر في  26 أكتوبر 2022  (12:49)

في مثل هذا اليوم من سنة 1912 أي بتاريخ 26 أكتوبر، أعدمت سلطات الإحتلال الفرنسي المنوبي الخضراوي أو علي الخضراوي والمُكنّى بـ"الجرجار" في ساحة باب سعدون بقطع رأسه صحبة رفيقه الشاذلي بن عمر القطاري.

وقد أعدم المناضل "الجرجار" ورفيقه على خلفية مشاركتهما في الاحتجاجات الشعبيّة التي جدّت في 7 نوفمبر 1911 فيما يعرف بأحداث الجلاز عندما أرادت سلطات الاحتلال الفرنسي تحويل الصبغة العقارية للمقبرة التي تحتوي على مقام الولي سيدي أبو الحسن الشاذلي من وقف يختزل الهوية التونسية إلى ملكية خاصّة حيث قام المستعمر بتقديم طلب لتسجيل أرض مقبرة الجلاّز في السجل العقاري أجهضه غضب وسخط التونسيين بكل شراسة وأنفة.

ولا مراء في أنّ تاريخ 7 نوفمبر 1911، قد مثّل تتويجا للبنة التلاحم الشعبي التونسي ضدّ المستعمر الفرنسي في تلك الوقائع، حيث واجه آلاف المتظاهرين (قرابة 5000 شخص) في ذلك اليوم الجنود الفرنسيين المدجّجين بالسلاح ووفقا للسلطات الاستعمارية فقد كان عدد المعتقلين في تلك المظاهرة يناهز الـ 827.

في ذلك اليوم التاريخي سالت الدماء وارتقت أرواح عدّة لأبطال وطنيين خاصة بعد مقتل طفل تونسي على يد مقيم ايطالي، لتندلع الصدامات العنيفة والدامية التي ادّت كما ذُكر الى اعتقال العديد من التونسيين منهم الجرجار الذي كان من بين المستبسلين في الدفاع عن شيء من هويّتنا التي كادت أن تُفقد.

وبعد اشهر من انطلاق محاكمات المعتقلين ونطق قرارات بالإعدام والسجن والأشغال الشاقة... وفي تاريخ 26 أكتوبر 1912، تحديدا بساحة باب سعدون على الساعة السابعة إلّا ربع صباحا وأمام 1500 متفرّج من بينهم عشرات التونسيين، وقع تنفيذ حكم الإعدام بمقصلة المستعمر ضدّ الجرجار وكان عمره آنذاك 30 سنة ورفيقه الشاذلي بن عمر القطاري (21 سنة)، والتهمة قتل الجندي الفرنسي المدعو "فرونشي" وقد عنونت صحيفة "لا ديباش تونيزيان" الواقعة المخزية بطريقة مستفزّة: "سدّدا دينهما للمجتمع".

إعدام الجرجار والشاذلي من مدونة ثقافة تونس وتراثها بالصور

ووفق شذرات تاريخية فقد أعدم البطلان بمقصلة لم يستعملها المستعمر الفرنسي منذ فيفري 1905 وكان مع المقصلة السفاح "لابيار" المختص في قطع الرؤوس... 

ويردّد أنّ والدة البطل الجرجار أصيبت بانهيار عصبي أفقدها صوابها عند رؤية جثّة ابنها ورأسه المفصول عنه، بل وتقول الروايات أنّها ظلّت تسير وتجول بين المدن والأحياء وهي تردّد بين شفتيها كلمات ظلّ وقعها راسخا الى يومنا هذا حيث تحوّلت الى غنائية شعبية تعيدنا الى ماض جسّد إحدى الملاحم البطولية من بين الملاحم التي لولاها لهوت ذاكرتنا وسقطت هويّتنا وتاريخنا...

نطقت أوجاع والدة المنوبي الجرجار فقالت:

ره وإيجا ما ترد أخبار..على الجرجار، يا عالم الأسرار، صبري لله.. عييت نمثل في وشامك، حطو الرميه فيك.. بين الكرومه والعنقر، بعينينا احنا شفنا.. وأحنا صحنا، اللي غدرنا فيك ولد الحمدي.. واللي جرحنا فيك يجرح قلبه، يامة ضربوني.. يا حليلي يا آمه، والضربة جات على القصبة، خلوني نبكي بالغصة.. لا إله إلا الله، يا عالم الأسرار..صبري لله".

 

منارة تليجاني