ثقافة حازت إعجاب المُتابعين في مسلسل "الفوندو": نعيمة الجاني تُعيد اكتشاف نفسها من جديد!
نشر في 18 أفريل 2021 (12:08)

تعلّق شغف المتسمّرين أمام الشاشة الصغيرة خلال اللّيالي الأولى لشهر رمضان، بمسلسل اجتماعي شائق، انطلقت قناة الحوار التونسي في عرضهِ، لتؤكّد بذلك أنّ الدراما الموسميّة أصبحت عادة راسخة وخيار صَميم لا مَحيد عنه.
"الفوندو"، هو المغامرة الجديدة التي تخوضها سوسن الجمني وفي البال نجاحات سابقة أسهمت في تحقيقها، وأعلنت عبرها باستحقاق عن ميلاد مُخرجةٍ متمكّنة من أدوات عملها وأكسبتها التجارب كثيراً من الدُّربة والحذاقة، وهي التي اجتهدت في صمت وتولّت على ٱمتداد سنوات مهام مساعدة مخرج.
وجدّدت "الحوار التونسي" ثقتها هذا العام في شخص سوسن الجمني، لإنجاز عملٍ يستجيب لرغبات القاعدة الجماهيريّة التي استثمرتها القناة والتي باتت تنتظر حلول شهر الاستهلاك على أحرّ من الجمر لكي تستمع بأحدث الإنتاجات وتتأنّس بإبداعات صفوة نجوم الدراما التلفزيّة.
ويجمع "الفوندو" كوكبةً من ألمع المُمثّلين، والنجوم الصاعدين، التقوا في مشروعٍ واحد ليؤثّثوا معاً حلقاتٍ مترابطة تُجسّد قصّةً تراجيديّة موغلة في الألم، حيكَ نسيجها بحبكةٍ دقيقة وتناسق بنائي متين لأحداثها.

وعلى غرار المواسم الماضية، تشبّثت صاحبة العمل سوسن الجمني، بـ نضال السّعدي وياسين بن ڨمرة كوجهيْن ثابتيْن لا يتغيّران سوى في تقمُّص الدّور والخروج من الشخص إلى الشخصيّة، إذ يلعب الأوّل دور البطولة ويُؤدّي الثاني مَشاهدَ لا تقلّ أهميّة ويُشاركهُ في تقاسم الأحداث حسَب تطوّراتها ونسق تحوُّلها.
وإلى جانب هذين الإسميْن، تبرُز الممثّلة القديرة نعيمة الجاني كإحدى مُحرّكات هذا العمل، من خلال المساحة وطبيعة الدور المؤدّى، حيث أجادت سوسن الجمني توظيف مؤهّلاتها وعرفت كيف تستفيد من كوامِن طاقاتها الجامحة، فقد عادت خرّيجة المعهد العالي للفن المسرحي، إلى حيث كانت انطلاقة مسيرتها، حين أثرت بأعمالها الخالدة أيّام الزمن الجميل أرشيفاً مليئاً بالدّرر، ولا شكّ أنَّ التلفزة الوطنيّة تستثمر تلك النجاحات في الإعادات إلى يوم النّاس هذا.
نعيمة الجاني، كادت تجنح بمسيرتها الزاخرة إلى فضاءٍ غير ملائم ولا ينسجم مع حقيقة كفاءَتها المشهودة، حتّى خلنا أنّها أضاعت البوصلة وتاهت وسط زحام المغرّدين خارج السّرب، لكنّها لا تدرك أنَّ مكانتها محفوظة في قلوب مُحبّيها، وهم يغفرون لها إن أخطأت السبيل ورمت بهويّتها الفنيّة المتعارف عليها جانباً.
ممثّلة فائقة البراعة مثلها، شاهدها الجمهور في إطلالاتها الرمضانيّة خلال المواسم الأخيرة، في أدوار كوميديّة محضة، لا ترتقي إلى قيمتها الحقيقيّة ولا تختزل تجربتها التي أثنى على تميُّزها النقّاد والمختصّين، فـ خصال نعيمة الجاني وسنّها الحالي وتقاطيع وجهها، عوامل لا تتلائم مع تقمُّص شخصيّة كوميديّة بٱمتياز، لها أدواتها وأبجديّاتها وأساليبها... فـ الكوميديا، فنّ عميق، وليس استسهال واستهانة واجتراءٌ على عوالمهِ دون معرفة أو بحث.
وإن كان حضور نعيمة الجاني هذا العام مُلفتاً للأنظار ومَكسباً للدراما لا يختلف بشأنهِ عاقلان، وعودتها للواجهة من الباب الكبير يُعدّ حدثاً في حدّ ذاته... فإنّه لا يُغفلنا عن طرح ما يُخالجنا من رؤى وانطباعات، نأمل أن تأخذها فنّانتنا الكبيرة بعين الاعتبار وتتقبّلها بصدرٍ رحب.
وقبل أن نختم، نودّ الإشارة إلى أنَّ صفحات التواصل الاجتماعي، ضجّت منذ تمّ بثّ الحلقة الأولى من مسلسل "الفوندو"، بصور نعيمة الجاني مَرفوقةً بعبارات من المدح والإطراء، تقديراً لأدائها الرائع وحضورها المتميّز، وقد وُفّقت -بحسبهم- في تلبُّس شخصيّة الأمّ الحنون الحريصة على إبنها، والمكلومة من جرّاء قبوعه في السجن لعقديْن في قضيّة جنائيّة، لا ناقة له فيها ولا جمل.
ماهر العوني