الصفحة الرئيسية  ثقافة

ثقافة كانت تعد من الموروثات الحضارية العالمية: الذكرى 20 لتحطيم تماثيل بوذا في باميان

نشر في  18 مارس 2021  (12:55)

قبل 20 سنة قامت عصابة حركة طالبان الوهابية في أفغانستان بتحطيم أكبر تمثالين لبوذا في العالم، عقب قيامها على تكسير و تحطيم عشرات التماثيل و سرقة ونهب القطع الأثرية الفريدة في نوعها والنادرة في متحف كابول الوطني .
وتعد التمثالين من الموروثات الحضارية العالمية الذي أثار الاعتداء عليها احتجاجات عالمية وبوصفها أيضا أكبر ضرر لحق بفن و تاريخ أفغانستان .
في الثاني عشر من مارس 2001، قامت عناصر ارهابية تابعة لطالبان بأمر من الملا عمر ، بنسف تماثيل بوذا في باميان. وكانت طالبان قد أخفقت، على مدى حوالي شهر بالكامل، في تدمير تماثيل بوذا بالدبابات والمدافع والصواريخ.
وكما هو اعتقاد داعش بضرورة تدمير التماثيل و كل ما يتعلق بالحضارة الانسانية ، فان عصابة طالبان كذلك تؤمن بأن تحطيم التماثيل من الأمور الدينية، وترى أن نحت التماثيل على شكل الإنسان حرام لأنه يجعل الإنسان في مرتبة الخالق. وتريد بهذا التحطيم أيضا محو آثار التراث غير الإسلامي، أي ما قبل الإسلام في أفغانستان. وإلى جانب التمثالين الكبيرين دمرت طالبان ما يقارب كل القطع الأثرية التي تعود إلى الحقبة البوذية المعروضة في المتحف القومي في كابول.
احدى أهم الثقافات العالمية المختلطة
كانت باميان، الواقعة في وسط أفغانستان، سابقا احدى أهم مراكز البوذية الواقعة على طريق الحرير، الذي كان في العصور القديمة همزة الوصل التجارية بين آسيا وأوروبا. وقد أثّر التعايش بين التقاليد الهيلنية والبوذية بصورة كبيرة على الطراز الفني في قندهار القديمة، التي تشكل اليوم المنطقة الحدودية بين أفغانستان وباكستان. هذا الطراز انعكست أثاره بشكل واضح في نحت تماثيل بوذا الكبيرة. ففي قندهار تعرف الفنانون والحِرفيون الإغريق على فن وثقافة الأسلوب البوذي.
على الرغم من أن الأبنية المعمارية والتصوير الجصي وفنون النحت والصور المعمارية البارزة على الجدران تُظهر تأثير الاتجاهات الفنية المختلفة، إلا أنها تحولت من خلال التعايش إلى أسلوب فني خاص وجديد على الإطلاق. هكذا نشأت في الفترة بين القرن الأول والخامس الميلادي أهم الثقافات العالمية المختلطة. ولإقامة ثماثيل للقديسين والآلهة استعمل المرء مواد ثمينة .
تدمير التماثيل خسارة للبشرية جمعاء كونها إرثا إنسانيا عالميا
في الأصل كان في وادي باميان ستة تماثيل لبوذا، ثلاثة منها كبيرة والأخرى صغيرة، وكان بعضها داخل مغارات. كان تمثال بوذا الأكبر الذي يبلغ ارتفاعه خمسا وخمسين مترا موجودا في الغرب، وفي وسط المجموعة تمثال لبوذا وهو جالس يبلغ ارتفاعه ثمانية أمتار، وفي شرق الجدار الصخري تمثال آخر يبلغ ارتفاعه ثمانية وثلاثين مترا. هذه التماثيل يرجع تاريخها إلى الفترة بين القرن الرابع والخامس الميلادي. وكانت في الأصل مطلية باللون الأزرق، ووجوهها مرصعة بصفائح من الذهب.
ظلت تلك المعابد قبلة للسياح حتى الاحتلال السوفيتي. أما أثناء الحرب فكانت تلك المغارات تُستخدم كمخازن للذخيرة، وكان الوادي ذو أهمية استراتيجية كبيرة، حيث دارت بين السوفيت وبين المجاهدين الافغان معارك حامية.
وتسبب نسف طالبان للتمثالين الكبيرين في موجة عارمة من الغضب في جميع أنحاء العالم، لأن هذا التصرف يعتبر خسارة كبيرة لفن وتراث أفغانستان وللمنطقة كلها أيضا.