الصفحة الرئيسية  أخبار وطنية

أخبار وطنية يكشفها للمرة الاولى: ناجي جلول يتحدّث عن معطيات "صادمة" بشأن الأسباب الخفية لإقالته، ويرفع الورقة الحمراء في وجه هؤلاء

نشر في  03 ماي 2017  (12:50)

أجرى الحوار: المنصف بن مراد

حزب النّداء انتهى وهو موجود على الورق وفي التلفزات فقط

أصبحنــا نعيـش فـي بلـــد تتحكم في وزرائه نقابة أساسيةمشروع

النهضة هو تحويل تونس الى دولة عقائدية

أثارت إقالة وزير التربية ناجي جلول موجة من التساؤلات والتعاليق خاصة انّ رئيس الحكومة اعلن منذ أسابيع أنّ جلول ثابت في موقعه، في حين استقبله رئيس الجمهورية في قصر قرطاج وكأنه بذلك يعلن مساندته له علما انّ عديد الملاحظين رفضوا ان يستجيب يوسف الشاهد لطلبات نقابتي التعليم الأساسي والثانوي اللتين جعلتا من جلول «العدو الأكبر» وكأن لهما من الصلاحيات ما يجيز لهما عزل ما شاءتا من الوزراء  بعد عزل وزير الصحة سعيد العايدي وفي غياب تام لروح الشعور بالمسؤولية! ولا بأس ان نذكر في هذا السياق  عدم التضامن الحكومي والحزبي والرّضوخ للنقابات.. ان هاتين الاقالتين تؤكدان ان الحكومة ضعيفة وهي تخضع لضغوطات بعض النقابات التي تقيل وتعزل كل من يحاول فتح بعض الملفّات ويدفع اتحاد الشغل إلى مساندة نقابته خطأ... فهناك تضامن نقابي على كلّ المستويات في حين يغيب التضامن الحكومي في حال نشوب خلافات بين وزير ونقابة!

 

وللتذكير فقد اعتبر بعض المحللين انّ إقالة ناجي جلول من منصب وزير التربية مؤشر لانهيار الحكومة لأنّ النقابات ستصبح «راعي التعيينات والإقالات الوزارية»، وبذلك تكون الحكومة صلصالا طيّعا في يدها مهما كانت قيمة الوزير.. ومما لا يرقى اليه شك، هو أنّ سعيد العايدي ظلم عندما أقيل من منصبه على رأس وزارة الصحّة ودون شك ايضا لم يفهم العقلاء أسباب اقالة ناجي جلول وكأنّ الحكومة تخلّصت منه للاستمتاع بهدنة مع النقابة،   لكن ستكشف الأشهر  المقبلة مدى صلابة هذه الهدنة من عدمها.. والجدير بالذكر هو انّ المجتمع المدني سيرفض تعيين  اي وزير تربية  ينتمي لشقّ «العروبة» أو التطرّف أو التشدّد لأن السياسة التربوية هي ساحة المعارك الحضارية الكبرى..

ولمعرفة اسرار تنحية ناجي جلول اتصلنا به فكان لنا معه هذا الحوار...

لماذا وقعت إقالتك قبل غرّة ماي بسويعات؟
ـ كان التحوير الوزاري منتظرا خلال شهر جويلية المقبل، ولكن لرئيس الحكومة الحقّ في تحديد موعده وفي تقييم عمل الوزراء. وقد حدث ان التقيت بالسيد يوسف الشاهد يوم السبت الفارط وتحدثنا في موضوع وزارة التربية وأعلمني انّ هناك ضغوطات نقابية عليه حتى يقيلني وربما حصل اتفاق بينه وبين الأمين العام لاتحاد الشغل السيد نور الدين الطبّوبي حتى أغادر الحكومة لاحقا.. علما وانّ امتحانات آخر السّنة على الأبواب!
 انّي لا أعتقد انّ عملي في وزارتي كان فاشلا وقد أعلمته بذلك غير أنّه لم يعلّق على موقفي وكأنّه مقتنع بذلك لكنّه كرّر انّ هناك ضغوطات نقابية.. وغادرت مكتبه وكأنّ الأمور ستتواصل بصفة طبيعية لكن رئاسة الحكومة أصدرت بسرعة بلاغا معلنة فيه اقالتي واقالة وزيرة المالية وقد يكون ذلك من أجل وضع حدّ للضغّط المسلّط على رئيس الحكومة من قبل النقابات أو ربما وقع اتفاق سري بين الشاهد واتحاد الشغل لإقالتي فجمّدت النّقابات احتجاجاتها. فما هي قيمة حكومة تخضع لإرادة نقابتين أساسيّتين؟ انّه أمر في منتهى الخطورة!
ألا ترى أنّ هذه الإقالة كانت متسرّعة؟
ـ هكذا السياسة في أغلب البلدان العربية! فلإرضاء نقابتين اتخذ رئيس الحكومة قرارا لا يخدم مصلحة تونس ولا صورة الحكومة.. لم يقع تقييم عملي بل وقع الحكم عليه وانّي أتساءل عن دور الوزير المستشار اياد الدّهماني في التسريع في إقالتي.. أصبحنا نعيش في بلاد تتحكّم فيها نقابة أساسيّة.
هل هناك وزارات كان من الواجب تقييم عمل الوزراء السّاهرين على شؤونها؟
ـ نحن لسنا في مدرسة حتى يقيّم الأستاذ عمل التلاميذ لكن من حق رئيس الحكومة ان يقرّر اقالة وزير.. وممّا لا ريب فيه هو انّ يوسف الشاهد أضرّ بصورة الحكومة فقد كان عليه ان «يقيّم» عمل وزير التجارة الفاشل ووزير التكوين المهني والتشغيل ووزيرة الرّياضة ووزير الاتصال ووزير التعليم العالي الذي تؤثّر في قراراته النّقابات! فهؤلاء أولى بالإقالة. في الظروف الرديئة والخطيرة التي تمرّ بها تونس كان على يوسف الشاهد ان يهتمّ بالمردود الهزيل لهذه الوزارات عوض ان يقرّر اقالتي من منصبي لكن هناك حماية حزبية لوزراء النهضة في حين لا يحمي النداء الوزراء الندائيين.
هل اتصل بك بعض قياديّ حزب نداء تونس لمؤازرتك؟
ـ أبدا، حزب نداء  تونس انتهى وليس له ـ رغم المظاهر ـ قيادات.. لم يتصل بي اي قياديّ وكأنّ اقالة وزير من هذا الحزب أمر عادي.. بعد الانتخابات، وبسبب الحروب على الكراسي انفجر حزب النداء واصبح جسدا دون روح ينهشه الانتهازيون... اليوم حزب النداء موجود، لكن على الورق فقط!
ذكرت أسماء وزراء نهضويين واتهمتهم بالفشل؟
ـ لقد فشلت وزاراتهم.. وهو ما لا يستطيع أيّ كان انكاره، لكنّهم متضامنون خلافا لحزب نداء تونس. ان حزب النهضة هو الذي كبّل مشروع اصلاح التعليم ويكفي في هذا الصدد التذكير بأنّ اعضاء من هذا الحزب شاركوا في التحرّكات النقابية الداعية لإقالتي وهم يمنون أنفسهم بتعيين وزير يسمح لهم بالاستحواذ على أجيال من أبناء تونس والتأثير في عقولهم..
ألم تحاول في الماضي التقرّب من حزب النهضة وكأنّك تريد شراء ودّهم حتى تفوز بمنصب رئيس الحكومة؟
ـ كنت أنتمي لحكومة ائتلاف وطني ومن واجبي التعامل مع الأحزاب المساندة للحكومة.. وحتى ان اقتربت من النهضة فأنا لا أتعاطف مع أفكارها ولا برامجها، ويكفيني أنّي كنت مع انجاز مشروع اصلاح التعليم كما منعت النقاب وكل الملابس التي لها مرجعية عقائديّة وقد هاجمتني قواعد النهضة لأنّها لم تقبل بإصلاح منظومة التعليم ..وتجدر الإشارة الى أنّي تصدّيت لمحاولات هذا الحزب التأثير على برامج التعليم وان تحاورت مع قيادييه.. وللتذكير فقد كنت رفضت قبل تغيير النظام الزجّ بقيادات هذا الحزب في السجن كما انّي أفضل التحاور مع الحفاظ على مبادئي الساسية التي تتناقض تماما مع ايديولوجية هذ الحزب.
انت غاضب على حزب النداء وغير متفق مع النهضة.. فما هو مستقبلك السياسي؟
ـ في الحياة السياسية يعتبر التأمّل في تجربة ما، أمرا كثير الفوائد، فأنت تخرج من مجال النّفاق لتتأمّل بكلّ حرية في مسيرتك.. لقد ابتعدت عن الجبهة الشعبية لكني مازلت من المدافعين عن مشروع تقدّمي وديمقراطي.. سأجنح للرّاحة بضعة أيام ثم سأواصل نضالي السياسي في محاولة لتوحيد كل القوی الديمقراطية (مرزوق ـ جمعة) حتى نكون جبهة ديمقراطية حقيقيّة يمكن ان تتصدّى لمشروع النهضة.
بالمناسبة ماهو مشروع النهضة؟
ـ تحويل تونس الى دولة عقائديّة أشبه ما تكون بـ«افغانستان» وعلينا كديمقراطيين التصدّي لهذا المشروع.