الصفحة الرئيسية  أخبار وطنية

أخبار وطنية شهادات نادرة لمقربين من الزعيم الشهيد فرحات حشاد.. بقلم السيدة الدو القايد

نشر في  08 ديسمبر 2016  (11:30)

  الشهيد فرحات حشاد علامة مضيئة لكل الأجيال

    بقلم السيدة الدو القايد

اغتيل فرحات حشاد النقابي الكبير... وفي كل سنة تحي ذكرى استشهادة  وكل ذكرى يفتح أمامنا سجلا حافلا بما خلده من تضحيات ونضالات في مجال تحقيق الكرامة  والحرية وتخليص البلاد من هيمنة الاستعمار ووصل صدى تضحياته ونضالاته الشرق والغرب ولقب زعيما إفرقيا

هذه الذكرى 66لإغتياله غدرا على أيادي المستعمر الفرنسي إذاك في شمس النهار وعلى قارعة الطريق

ترك زوجة وأربعة أطفال وشعوبا أحبته وعرفته مناضلا صادقا لخدمة قضية الوطن المقدسة... قضية التحرير... قضية سيادة تونس... على ترابها وعلى دواليب الحكم فيها وعلى اقتصادها وعلى مصيرها.

  بعد هذه السنوات تواصلت إحياء ذكراه في كل مكان أحياها الشعب التونسي وفي نفسه الاكبار لزعيم  من أبنائه عاش مجاهدا ومات شهيدا خلد إسمه التاريخ بأحرف من نور .

السيدة آمنة حشاد أرملة الزعيم الشهيد فرحات حشاد

حديث شفوي  وتسجيلات  السيدة الدّو القايد

تقول أنا : آمنة بنت احمد حشاد أوأم الخير وابنة فطومة عاشور، ولدتُ بالعباسية بجزيرة قرقنة في 24 أفريل 1930.

" توفي والدي وعمري خمسة أشهر واحتضنتني والدتي إلى أن بلغت سن الرشد المتعارف عليه آنذاك أي سن الثانية عشر. زوجتني والدتي من قريبها الشاب فرحات بن محمد حشاد وذلك سنة 1942، وأقيم حفل زواجنا في جزيرة قرقنة. كان عمره آنذاك 29 سنة، وأنا في الثالثة عشر من عمري. ونظرا لصغر سني وطيبة قلبه، طلب سي فرحات من والدتي الأرملة أن تعيش معنا وتبقى إلى جانبي، وفعلا لم تفارقني والدتي إلى أن توفيتْ.

سي فرحات كان عطوفا على والدته ولا يتردد في مساعدتها في القيام بشؤون الأسرة والخدمات الفلاحية والبحرية. وكان يتألم عندما يرى بعض النساء الحوامل يحملن الأشياء الثقيلة على ظهورهن أو يقمن بأعمال فلاحية شاقة، فلا يتردد في التعبير عن استنكاره ويقول: 'يا رسول الله كيفاش مرا حبلى تهز هذا الكل... هذا ما يصيرش، «كان سي فرحات يناديني بأم الخير عوض آمنة، يقول لي إن هذا الاسم طالع سعد عليه. بعد سنة من زواجنا، وعلى إثر نجاحه في مناظرة بالأشغال العامة، انتقلنا من قرقنة إلى صفاقس، وبقيت إلى جانبه أقاسمه الحياة وأتحمل مسؤولية الأطفال والبيت رغم صغري.

وفي سنة 1946، عندما بدأ سي فرحات في تكوين الإتحاد العام التونسي للشغل، انتقلنا إلى تونس. وأقمنا في منزل أحد أقاربنا بصلامبو لمدة 6 أشهر. ثم أجّرنا شقة في نهج المستيري (قرب الحلفاوين) لمدة عامين. وبما أن سي فرحات لم يكن لديه الوقت الكافي ليهتم بشؤون الأبناء في الدراسة، خيّر أن ننتقل إلى رادس قرب بعض الأقارب وحذو المدرسة.

 

سي فرحات كان متمسكا بالعادات والتقاليد الأصيلة، لا يتخلى عن ارتداء المعطف و(الكبّوس)، ووفيا للأعياد والمناسبات الدينية، فكان في عيد الأضحى مثلا يقو م بذبح الخروف ويساعدني على شؤون البيت، بل هو الذي علمني فنون الطبخ. وكان بيتنا قبلة للزوار والأحباب. وفي الفترة القصيرة التي يقضيها مع الأبناء، كان يداعبهم ويتحدث معهم عن دراستهم ويحرص على تغذيتهم، وعندما يتقدم إلى المائدة كان كثيرا ما يقول  'أنا كي نشوفهم نشبع'. كان في بعض الأحيان يأخذ الأبناء إلى "شط رادس" لتسليتهم والترويح عنهم. وكان أيضا من أنصار تطور المرأة،  وتعرفت على بعض النساء المناضلات في الحركة الوطنية والنقابية، وكنت قريبة من البعض منهن مثل بشيرة بن مراد وشريفة المسعدي وأسماء بالخوجة وزكية الباي وغيرهن.

 صورة نادرة للسيدة آمنة حشاد مع ابنتها جميلة نشرت في صورة الغلاف لأول عدد من مجلة المرأة

قضيت مع زوجي أجمل فترات عمري. عرفت فيه الزوج العطوف والزعيم الذي لا يعرف الراحة، فحوّل حياتي من شابة تنقصها الخبرة، إلى امرأة ناضجة صبورة مؤمنة بكل ما يقوم به من عمل ونضال. علّمني الشعور بالاعتزاز والكرامة والصبر وتحّمل المسؤولية، ووجد مني الإخلاص والتشجيع بالرّغم من الصعوبات المادية وقسوة الحياة. 

أذكر أنه عندما عزمنا على ختان أبنائنا، أعلمني في الليل أنه لن يكون موجودا بسبب اجتماع نقابي هام في سوسة، فقلت له: 'كيفاش ياخي هوما يتامى؟'، وبالفعل ذهب إلى الاجتماع، وحضر أصدقاؤه، بينما لم يحضر هو إلا في الواحدة صباحا.

ومن المواقف التي بقيت راسخة في ذهني، أنه سنة 1948 وقبل حلول عيد الفطر بيوم، لم يكن لدينا في المنزل أي شيء لقوتنا اليومي، فسألني: 'عندكشي طرف فلوس نعطيهم للناس في دار الإتحاد، ثمة ناس تو نعرضهم في الإتحاد ما عندهمش آش ياكلو' فأجبته بالنفي، لكنه كرر الطلب بابتسامته المعهودة، واستجبت لطلبه. كانت لدي 900 فرنك سلمتها له، على أساس أن يأخذ منها قسطا ويشتري لنا بعض الحاجيات للأسرة، لكن سي فرحات لم يعد، فاضطررت إلى إعداد "عصيدة بالفرينة" للأبناء وقت الغداء. وفي الثالثة ظهرا حل صحبة جمع من أصدقائه، فوجدت نفسي في وضعية محرجة، قلت له: 'آش نفطرهم؟' فأجابني بروح الدعابة والنكتة التي تميزه قائلا: 'هاذوما جاو باش يلعبو ويضحكو معايا شوية وباش يخدمو شوية'.

وكان رغم تعبه والمشاكل التي تعترضه، عندما يحل بالبيت، يرمي كل أحزانه خارجه، ويدخل إلى أبنائه بوجه بشوش. ولم يحدث أن جد بيننا أي خلاف. كان يداعب الأبناء ويردّد دائما بابتسامة: 'يا صبوركم يا صبوركم' أي "يا صبركم". وهذه العبارات ظننتها آنذاك 'تربيجة' لكنها في الواقع كانت تنبئ بأن سي فرحات كان يتوقع مصيره، وهذا ما علمته من أقرب أصدقائه، فلم يكن سي فرحات ليخاف الموت في سبيل الوطن.

أعرف أن سي فرحات كان يشجع النساء في المنظمات، ويساند منظمة الإتحاد النسائي الإسلامي، وله علاقة تعاون مع السيدة بشيرة بن مراد، ويكن لها كل التقدير. وأعلم أنه في سنة 1950 و1951 كانت السيدة شريفة المسعدي عضوا في الهيئة الإدارية لاتحاد الشغل، وهي المرأة الوحيدة التي كانت تشارك في كل التّظاهرات في الصفوف الأمامية.

في سنة 1951، ذهب سي فرحات إلى "سان فرانسيسكو" بالولايات المتحدة. وخطب أمام ما يناهز الألف نقابي أمريكي في مؤتمر النقابات الأمريكية، وأثّر على الرأي العام. ثم ألقى خطابا على قبر "روزفالت" بحضور أرملته، وتحدّث عن معاناة الشعوب من الفقر والاستعمار، متحسّرا عليه، إلى درجة أن أرملة "روزفالت" بكت تأثّرا.

 آخر صورة التقطت للشهيد فرحات حشاد في 3 ديسمبر 1952 قبل استشهاده بيومين

كنت خائفة دائما عليه من السّجن، وأذكر أني قلت له يوما: 'ياسي فرحات راني خايفة عليك من الحبس..' أجابني: 'آش خص.. لو كان تقرا الفاتحة وندخل الحبس، تو نلقى الوقت باش نقرى الانقليزية مليح على خاطر اللي ما يعرفش الانقليزية توه يتسمى جاهل في الأوساط العليا.[1]

سي فرحات كان يطالع يوميا الجرائد، ويكتب في البعض منها، ويحرص على تحسين مستواه التعليمي، وتعلّم اللغات خاصة الإنكليزية. كان يود التحدث إلى الأمريكيين مباشرة بلغتهم.

حادثة اغتيال الزعيم فرحات حشاد كما روتها زوجته:

"يوم الأحد 29 نوفمبر 1952، طلب مني سي فرحات السفر صحبة الأطفال إلى سوسة حيث يقطن عمّه. وكان يوما لا ينسى. وبما أن نور الدين كان يدرس، فقد تركه في رادس لدى صديقنا الوفي السيد مصطفى الفيلالي، وقد رتب في ذلك اليوم كل شيء، وأوصاني خيرا بالأبناء قائلا: 'ما عاد عندك حتى شيّ، باش تتلهى كان بالاولاد. رد بالك عليهم'. وتساءلت، ثم عرفت فيما بعد أنه تلقى تهديدا  بقتله وعائلته من طرف "اليد الحمراء"،  بعد ما تعرضنا إلى محاولة وضع قنبلة أمام المنزل قبلها بأيام.

نهضت يومها في الصباح فوجدته بجانب فراش "جميلة" وهو يداعبها ويضحك، فقلت له: 'علاش تضحك'، قال لي: 'نضحك عليهم'، قلت له: 'اشكون هوما'، أجابني: 'تو ايجيش البالك واحد كيفي أنا، أي واحد ينجم يقتلني من غير حتى عناء، وهومة معرضينلي عسكر في قمبطّة (شارع محمّد الخامس حاليا) حتى حلق الوادي وعلى اليمين وعلى اليسار باش يقتلوني؟'، سألته: 'هذا يضحّك؟'، قال لي: 'اشنوة أنا حتى يعملولي ها القاوق الكل باش يقتلوني؟'، انفعلت فأجابني أنه حلم مزعج حلم به ليلة البارحة. وهو في الواقع كابوس.

 كان في جيبه ورقة تهديد بالقتل. ولكنه أخفى عنّي الأمر، ولم يظهرحزنا، ولم تغادره ابتسامته المعهودة. رغم أنه لاحظ وجود سيارة تراقبه يوميا منذ خروجه من المنزل حتى العودة إليه يوميا. ولم يتوقع مسألة الموت، كان يتوقع مراقبة تحرّكه في كل المجالات.

الفاجعة الأ ليمة:

ليلة 5 ديسمبر 1952،  كنت شديدة القلق على زوجي. وفي منتصف النهار، سمعت عبر الإذاعة باللّغة الفرنسية نبأ اغتيال الزعيم فرحات حشاد، ثم كذبوه. وبين التّكذيب والتّأكيد اختلفت الأخبار في تونس. فالبعض بلغهم خبر الاغتيال، والبعض الآخر بلغهم أنه على قيد الحياة، ولكن الخبر أصبح يقينا. وعمّت الأحزان في العائلة وفي البلاد عامة، وأغلقت المحلات العمومية، وعبّرت البلاد عن مصابها بكل وسائل التعبير عن الفاجعة.

 

سيارة الشهيد بعد عملية الاغتيال

يوم 6 ديسمبر 1952، انتقلنا من رادس إلى صفاقس بواسطة سيارة أجرة، ومن صفاقس تحولنا إلى قرقنة عبر وسيلة نقل بحرية Vedette تابعة لإدارة الأشغال العمومية.

وفي عرض البحر (الحي) جاءت الباخرة لتسلّمنا التابوت، تفاديا لتنظيم مظاهرات عند مرور جثمان سي فرحات في البر. وكان التابوت مرفوقا بـ50 عسكريا لتأمين عملية الدّفن بكل هدوء في جزيرة قرقنة. وتذكرت ما رواه لي في حلمه المزعج قبل أيام.

في جزيرة قرقنة كانت السّلطة الوحيدة الموجودة آنذاك "الشيخ" الذي جاءته التعليمات لإعداد قبر. ولكن الأهالي والعائلة جهّزوا قبرا آخر قرب منزل والده. وأثناء الحفر عثروا صدفة على كمية هائلة من السلاح المعدّ للثوار وذلك قبل قدوم السّلطات.

وفي ذلك اليوم، قام الاستعمار بقطع كل الخطوط الهاتفية، وعمدوا إلى الإسراع بالدفن لكي لا ينتشر الخبر. لكن الأهالي بلغهم نبأ استشهاد فرحات حشاد، فتظاهروا في كامل الجزيرة إضافة لكامل البلاد التونسية.

وبما أن التابوت كان مغلقا، فقد أصررت على فتحه لأتأكد أوّلا من وجود زوجي داخله، وثانيا لألقي نظرة الوداع على شي فرحات الشهيد والزعيم المخلص والزوج العطوف. وبعد صراع مع "الشيخ" فتحنا التابوت، ورأيت شي فرحات وكأنه حيّ بابتسامته المعهودة، وعيناه شبه مفتوحتين.

وقمت وأخيه حسن وابني نور الدين الذي كان عمره آنذاك 8 سنوات ومعنا ثلة من المناضلين بتوديع جثمان الشهيد الوداع الأخير. ودفن أمام المنزل بالعباسية بجزيرة قرقنة.

ثم رجعت وأبنائي إلى تونس، حيث كنا نقيم بمدينة رادس بالمراح في بيت مؤجربرادس. واجهت كل المحن. وتفرغت تماما لأبنائي عملا بوصيته وحرصت على أن أكون لهم الأب والأم. ولا أنكر وقوف كل المناضلين والأصدقاء والمنظمة النقابية إلى جانبي. وبفضل التبرعات التي تم جمعها من المواطنين، تمكنوا من تشييد مسكن لنا بمنفلوري. وانتقلنا من رادس إلى منفلوري. وبقي ضريح  سي فرحات بقرقنة إلى غاية 5 ديسمبر 1955. وفي كل مناسبة دينية وذكرى لوفاته نقوم بزيارة ترحم على روحه الطاهرة

 

عضوات من شعبة الربض في زيارة إلى بيت الشهيد فرحات حشاد من اليسار إلى اليمين الناصر حشاد فاطمة القايد السيدة آمنة حشاد السيدة الدو وأمامها نور الدين وعلى يساره نزيهة صوة وخلفها صالحة القايد بين أحضانها سميرة ابنة الشهيد ثم جدتها

 

 صورة الجنازة عند نقل جثمان الشهيد من أرشيف السيدة القايد الخاص

في سبتمبر 1955 قرر الإتحاد العام التونسي للشغل تنظيم جنازة وطنيةانطلقت من جزيرة قرقنة إلى صفاقس، وصولا إلى تونس، وقوفا ببعض المدن.

والمفاجأة أنه عندما فُتح التابوت بعد ثلاث سنوات، وجدوا الشهيد فرحات حشاد كما هو على حالته الأولى لم يطرأ عليه أي تغيير.

وفي ذلك التاريخ كان النزاع قائما بين الزعيمين صالح بن يوسف وبورقيبة. وعندما عاد بن يوسف من المطار، زار الباي في قرطاج ومنها مباشرة إلى رادس لزيارتي. وسمع الزعيم بورقيبة بذهابه إلى دار حشاد فسبقه والتقى الاثنان هناك، وهو آخر لقاء تم بين الزعيمين.

كان صالح بن يوسف يريد أن يحضر يومها موكب الدفن في القصبة، وكان البعض يرتب لنزاع مسلح في توقيت الدفن بين جماعة الحزب وجماعة الأمانة العامة. ولكن بعد مفاوضات بين الطرفين استقر رأي الجميع على عدم تشويه هذا اليوم التاريخي في حياة النضال التونسي، لكي يبقى إسم فرحات حشاد طيّب الذكر في حياته ومماته وعنوانا. للوحدة ولمّ الشمل .

شهادة الأستاذ عمر بوزيد : مناضل نقابي

      تسجيل شفوي مع السيدة الدّو القايد

 عاشرتُ المرحوم الشهيد فرحات حشاد منذ فترة الدراسة في قرقنة مدرسة الكلابين حتى سنة التحصيل على الشهادة الابتدائيةوأعرف أن

  فرحات هوبن محمد حشاد من مواليد يوم 2 فيفري 1914 بقرية العباسية ومن عائلة فقيرة تعتمدعلى صيد الأسماك والفلاحة المتواضعة كجل المتساكنين بالجزيرة .

 التحقنا سنة 1920 بالمدرسة الابتدائية لمزاولة تعليمنا الابتدائي. وما هي إلا فترة وجيزة حتى نبغ بيننا فرحات وأصبح مضرب الأمثال في الذكاء فنال إعجاب معلمينا وكسب حبهم وعطفهم ويستطيع إعادة درس معلمنا حرفيا ويحفظ كل ما يقرأ بسرعة.حشاد كان يميل إلى الرياضة الصعبة كحمل الأثقال الشعبية ويبارينا في المدرسة وحتى الذين يكبرونه سنا أعرف أنه كان يعطف على والدته  ويساعد ها في خدمة الأرض ويمسك بالمحراث ويقوم بكل الأعمال الفلاحية.

فرحات كان يتحول يوميا راجلا من قريته العباسية إلى المدرسة الوحيدة بالكلابين التي تبعد أكثر من ميلين عن مسقط رأسه وكنا جميعا نعيش نفس الظروف .والسير على الأقدام نعتبره رياضةوفسحة وفرصة لحفظ الدرس وجدول الضرب وغيره .

مرض فرحات سنة التحضير للشهادة الابتدائية وانقطع عن الدراسة وكنا نفتقر إلى الأطباء والأدوية حرص معلميه على جلب طبيب له من مدينة صفاقس وبقي مدة طويلة في البيت يعالج حتى شفي وكان هذا مبعث وسرور لديناجميعا وكان مدير المدرسة السيد سيبيل معجب بفرحات وذكائه فتأسف على غيابه فعمل على جلب بعض الدروس له في البيت وعاد للدراسة  وسررنا لعودته و اجتزنا معا امتحان الشهادة الابتادئية في سنة 1928 حيث أحرزفرحات على الشهادة بتفوق غير إنه انقطع بعد ذلك عن التعلم نظرا لضعف إمكانيات والده المادية.

 السيد النوري البودالي

مـنـاضـل نـقـابـي تسجيل شفوي مع السيدة القايد

 أنا النوري البودالي مولود في 20 مارس 1919 اشتغلت ممرض تحملت مسؤوليات في الاتحاد العام التونسي للشغل وفي الحزب ومجلس النواب بعد الاستقلال لمدة 15 سنة.

بديت في الاتحاد وفي الحزب منذ سنة 1936 وسي فرحات حشاد  وسي الهادي شاكر كانت تربطني بيهم علاقة كبيرة.

سي الهادي شاكر عرفتو في صفاقس مناضل وسي فرحات كان هو في النقابة لاهي بالجنوب وسي الهادي شاكر مسئوليته في الحزب على الجنوب أيضا.

وأنا قمت بجولة نقابية وحزبية في الجنوب منذ سنة 1936 وشاركت في مؤتمر نهج زرقون وأحنا قبل كنا في السجن وقعدنا أشهر وبعد تجمعنا واتفقنا.

محمد علي الحامي كان سبقنا الكل في العمل هو أسس تعاونية ما بين الأجراء كيف رجع من ألمانيا. سي فرحات حشاد أسس النقابات المستقلة في الجنوب في صفاقس وقفصة وأحنا بالطبيعة نقابيين موجودين في الشمال خرجنا من السجن ماحناش متفقين وهومه بعد الحرب العالمية الثانية وقع شبه تحرير ووقعت مجازفة بين الشيوعيين والاشتراكيين كل واحد حب يبدل اتجاهو بعد الحرب وانهزام الألمان كل واحد صبح يحب يستولى على مركز القيادة في الحركة النقابية تسمى فترة تحرير. في هاك الوقت كانت رجالات الحزب أكثرها في السجون والمنافي وتونس تتسمى مقاطعة, الجزائر مقسمة على ثلاث مقاطعات أحنا بدينا نعتبرو مشوشين حتى على النقابيين كانت سيطرة الاستعمار على تونس والجزائر والمغرب و"لامير فرانساي" وكانوا يقولوا إذا ماياخذوش حرية تولي البرجوازية تحكم وما كانش ثمه اعتبار للنقابة في هالمقاييس. الحزب القديم فيه الثعالبي وغيرو. كان الثعالبي خرج لبره وثمّ رجعوا الإخوان من فرنسا كانوا طلبة ومحامين وكيف رجعوا كونوا كتله وعملوا جريدة تسمى "لكسيون تينيزيان " كان بورقيبة والطاهر صفر وصالح بن يوسف والماطري ومازالوا كيف أسسوا الحزب الجديد في مؤتمر دار عياد قصر هلال. العلاقة بين النقابة والحزب كانت متينة على خاطر كنا متفقين في المبدأ والغاية لأننا الاثنين ضد الاستعمار ونتعاونوا لتحقيق غاية وحدة.

نتذكر إضراب 5 أوت 1947 في صفاقس هو تقرر في تونس يوم 4 أوت نصف الليل والرد بالعنف صار يوم 5 أوت  والحبيب عاشور من طبعه كان مندفع وما يحبش القهر.

وقت الكفاح التحريري 1952 كونا ديوان سياسي سري يضم المنظمات مع الحزب، والديوان هذا هو اللي يسير في المظاهرات والمقاومة والكفاح وفيه الزعماء الكل وكانت عندنا قاعدة اللي يتشد حالا بقعتو يعوضها غيره والعمل يستمر وكان في هذا الديوان السياسي السري بورقيبة فرحات حشاد الصادق المقدم الفرجاني بالحاج عمار الهادي شاكر النوري البودالي وناس آخرين وكنا نجتمعوا في الخفاء وفي أماكن متنقلة حركة سرية

الشهيد فرحات حشاد  ساند المرأة وشجعها على النضال وتأسيس الجمعيات والمنظمات والعمل الاجتماعي والسياسي والنقابي. ومن مبادراته ضمّ السيدة شريفة المسعدي لهيئة المكتب التنفيذي للإتحاد، ومساندته لبشيرة بن مراد عند تأسيس الإتحاد النسائي الإسلامي، وللسيدة أسماء الرباعي،.  وتمكين السيدة الدو من إلقاء كلمة باسم شعبة نسائية دستورية في اجتماع نقابي  .

شهادة السيدة بشيرة بن مراد

رئيسة الاتحاد النسائي الإسلامي بتونس تسجيل شفوي مع السيدة الدو القايد

 أنا بشيرة بنت الشيخ محمد الصالح بن مراد: تولدت يوم 11 أوت سنة 1913 وسط عائلة تعرفت بحبّها للعلم والثقافة والتربية، تحصّلت على شهادة التحصيل، على أيدي شيوخ جامع الزيتونة.  

أسست الاتحاد النسائي الإسلامي سنة 1936 في تونس العاصمة وساعدوني بعض الزعماء الدساترة وكنت على اتصال دائم بهم مثل المنجي سليم والحبيب بورقيبة وسي رشيد ادريس هو اللي عملنا القانون الأساسي الأول وعلالة البلهوان وجلولي فارس  وفرحات حشاد  وغيرهم  

          شهادة المنضلة أسماء الرباعي بالخوجة

تسجيل شفوي مع السيدة الدو القايد  

أسماء بنت الصادق بالخوجة زوجة عزوز الرباعي[2]،أنا من مواليد يوم 16 جانفي 1930 بحمام الانف تونس. والدي كان خريج الصّادقية، وخدم في أكبر وظيفة في وزارة المالية:كاهية مديرالخزينة،  ورئيسو فرانساوي لأن ما يعطيوش المسؤولية الاولى للتونسي. حتى إذا هو صاحب شهايد عليا، وما يخلصشي كيف الفرنساوي. وحسب رايي هذاك اللي خلّى بعض توانسة ياخذو الجنسية الفرنسية. ماهوماشي ضد الدّين الإسلامي، أما باش ياخذو حقوق  كيف الفرنساويين. الحزب جاء ضد هذا على خاطر فرنسا ماذابيها شطـر الشعب يتجنس، وبعد تقول وين هومة التوانسة اللي يحبو يستقلو على فرنسا؟ والمتجنسين وقتها في تونس حتى كيف يموتوا عندهم مقبرة خاصة بيهم لاهم مع الفرنسيس ولا هم مع المسلمين.

في بيت بشيرة بن مراد تعرفت بل ناضلت مع كبار زعماء الحزب والإتحاد العام التونسي للشغل، فرحات حشاد، صالح بن يوسف، وبورقيبة كان في المنفى، وبعد كيف رجع تعرفت عليه. وانا ننشط في الحزب من عام 46 او 48 التواريخ بديت ننساها...

تعرفت على علي البلهوان وعلى الشاب عزوز الرباعي وأعجبت بحماسه الوطني وقوة شخصيته. انخرطت معه في الحزب الدستوري.  وبمرور الزمن حبينا بعضنا وتجاوبت مع ميولاته الفنية. كان عندو صوت جميل يغني لعبد الوهاب وأم كلثوم نرفه به على أنفسنا وعلى من حولنا لشحذ العزائم  كان يحفظ الشعر ورياضي وخفييف روح.

شاركت في مشاريع مساعدة الطلبة والدفاع عن مصالح السكان واللجنة القومية للإغاثة والاسعاف وشاركت في مختلف التظاهرات في صلب الإتحاد العام التونسي للشغل، وفي الإجتماعات والمظاهرات الحزبية.

وشاركت مع الزعيم النقابي فرحات حشاد في نشاط لجنة مقاومة غلو المعيشة وألقيت كلمة باسم المرأة وكنت ضمن الوفد اللي دخل إلى مقر الإقامة العامة الفرنسية والمتكون من الفر جاني بالحاج عمار وإبراهيم عبد الله بقيادة فرحات حشاد وأشرف فيما بعد على أربعينية ضحايا الإضرابات العمالية ببرج الصدرية وانتظم  هذا الموكب في داري. آنا كنت ننشط مع الحزب أكثر من الإتحاد النسائي الإسلامي. في الحزب لقيت برامج وأهداف كبيرة نضال بالمنجد. في الإتحاد كان النشاط مع بشيرة ضيق.

 

واكبت المشاركة في لجنة حقوق السكان، والسير في موكب جنازة الملك الدستوري المنصف باي الي مات في النفي بفرنسا بعد ما خلعتو في 14 ماي 1943  وتوفي في غرة سبتمبر 1948 وكان هذا يعتبر حدث شعبي  كبير  وفرحات حشاد قام بدور كبير وعمل خطاب وكانت ليّ إسهامات أخرى يمكن تظهر اليوم سهلة ولكنها في الأربعينات تعتبر صعبة لأن تونس تحت الحكم الاستعماري.

مع الاسف أخت سيدة القايد أنا عندي مجموعة من الوثائق الهامة لكن اللي ياخذ حاجة باش ينشرها والا يحطّها في معرض ما يرجعهاشي الله يسامحهم. وعلى كل انت تعرف عليّ برشة وأكيد عندك وثائق تثري بيها مسيرتي في الكتاب  

  شهادة المناضلة خديجة شعور

عينات من تسجيل  شفوي مع السيدة الدو القايد 

 أنا :خديجة شعور زوجة رابح عاشور، من مواليد صفاقس عام 1915. تولدت في البلاد العربي وأصيلة جزيرة قرقنة. والدي كان ديواني في صفاقس حبيت ندخل المكتب مع بنات جيراننا. مكتب  بابا رفض بعد أمي قنعت والدي باش نمشي لدار المعلمة وتعلمت الصنعة متاع زماني.

  عام 1932 عرّست، راجلي رابح عاشور كان عمري 16 سنة، وهوعمره 32 سنة.

كنت نعرف سي الحبيب عاشور، هو قريب راجلي ولد عمو كنت نسمع على سي فرحات ونشاطه النقابي وعرفتو مليح هو مخلص للوطن ويحب الخدامة والشعب.  والدي وراجلي الإثنين يحبو النقابة ويحبو سي الحبيب عاشور وسي فرحات. كانت ثمة نقابة سي.جي.تي، ورئيسها نسيبنا من العائلة كان عندو البيرو بحذا سيدي علي الكراي كانوا الكل رافضينوا  يحبوا إتحاد الشغل يتكلم باسم التوانسة على حقوق العمال. يحبو نقابة باش تدافع عليهم. أسس سي فرحات  اتحاد شغل راجلي رابح عاشور نقابي من المؤسسين لإتحاد الشغل، كاتب عام فرع شركة السكك الحديدية معقل الاستعمار. وكان خويا علي شعور يحضر معاهم في الاجتماعات، ويعاون سي الحبيب عاشور، كان من الأولين معاه . سي فرحات حشاد كان يخدم يمكن في الإشغال العامة. كيف تحلت السيجيتي خرجو رئيسها من البيرو وشدو هومة النقابيين  بقعتو أنا حضرت كيف خرجوه لبره هو واللي معاه وأثاث  البيرو وغيروا وإحنا في الشارع  نتفرجو  وجاو برشة وناس وما ثار حد  . 

 نعرف الحبيب عاشور وفرحات حشاد زعماء نقابيين ويخدمو مع الحزب ويحضرو حتى في اجتماعات . نتذكر مرة سي الحبيب عاشور، هو ساكن في البلاد العربي قرب باب القصبة، قبل بنهار قال لفاطمة زوجتو عندي ضيوف باش تخرج من الدار لدار أحبابهم باش هو ينجم يستقبلهم مشات. وهو جاب الزعيم بورقيبة وعلي الزاهي ومحمد العون. وعملو برنامج باش يهربو بورقيبة يهزوه لقرقنةومنها للشرق. بعد سي الحبيب عاشور شدوه وحطوه في القزرنة اللي في باب القصبة، وفاطمة مرتو ما تحبش تحكي ولكن تعرف  بعد هو تنفا في محرس ومشينالو أنا وفطومة النملة والسيدة الدو ومبروكة شعور وعدينا النهار  وفطرنا عندو حدثناعلى برشة حاجات .كان شجاع والواقع النقابيين الكل أحرار .

شاركت في الكفاح المسلح عشت صعوبات ومغامرات كبيرة بعد الحرب ودخول القوات الأجنبية لصفاقس عندنا جنان كبير بعيد على البلاد قرابة 15 كلم خلاو في ضخيرة كبيرة  علمنا سي الحبيب وسي فرحات قال اردمو وخبيو لعل نستحقو   عام 1952 جاءت الثور واستحقينا  مشيت لعضو سياسي قلتو قلي ابعد من قدامي تحب يقتلوني كيف المختار عطية اللي خبرو عليه . ربط الخيوط مع مقاومين أحرار  وصبحت كل مرة نخرج كعيبات  قنابل في قفة فيها الغلة  ونوصلها وتعرضت لبرشة غصرات ساعات نبدأ متعدية بقفة فيها قنابل ومتفجرات ونمشي في الشوارع والزنق من قدام الجندرمة والبوليس،نواصل الطريق من غير مانخاف. نحط في القفة رمّان ومرة زبيب والا لوز وكل مرة كيفاش.

مرة عندي قفة فيها مفرقعات والفوق زبيب نمشي على رجليّ من كلم 12 ما ثماشي نقل. كيف وصلت  كلم 8 ثمة حافلة نقل ركبت فيها. حطيت القفة في حجري وقعدت. جاء الخلاص. قالي ياميمتي حط القفة اللوطة. قلتلو ياوليدي عندي فيها كعيبات عظم نخاف يتكسرو. مرة طلع جادارمي للحافلة يفركس. قلت هذا لازم انا تبِعت قلبي دق. مسكت أعصابي شويّه،طلعوا الجدارميا يفركسوفي الحافلة على واحد هارب من الحبس . شاف الركاب وسأل ناس عليه وهبط. حمدت ربي. هبط وصلت الأمانة حديث طويل ...

كيف  وقع إغتيال سي فرحات شعرت بحزن كبير وبكيت عليه بمرارة وحرقة .الله يرحمو

 

 شهادة النقابي  عبد العزيز بوراوي

عبد العزيز بوراوي هو أحد القياديين البارزين للاتحاد العام التونسي للشغل على مدى عدة عقود.. ولد في شهر فيفري 1923 عمل  كعون بالمستشفى الجهوي بصفاقس وهناك تعرف على المناضل والزعيم فرحات حشاد والتحق على إثر ذلك بالعمل النقابي.وكان في عام 1944 من مؤسسي اتحاد النقابات المستقلة بالجنوب ثم الاتحاد العام التونسي للشغل عام 1946.وبقي في قيادة الاتحاد لسنوات طويلة تخللها بعض الانقطاع كانت الأولى بين عامي 1952و1955 عندمازجّ به في السجن بسبب نشاطه الوطني ضد المستعمر رفقة الهادي شاكر.

                             شهادة السيدة الدًو القايد

 الزعيم الشهيد فرحات حشاد عرفته منذ طفولتي وهو زعيما نقابيا ووطنيا غيورا ابهرت بشجاعته ورفعة أخلاقه التي وصلتني عن طريق والدي عبد السلام الدو وعمي علي الدو المنضمين للإتحاد العام التونسي للشغل وعرفته في بعض الاجتماعات النقابية العامة بمدينة صفاقس . زرت شقيقتي نفيسة  بمدينة رادس بتونس العاصمة في صائفة 1950 وصادف عقد اجتماع نقابي في دار (المنوبي) بضاحية رادس قرب (المراح) وكان سي فرحات مرفوقا بالسيدان المنجي سليم وعبد الله فرحات. كنت من بين الحاضرين في هذا الاجتماع العام رفقة عمي علي الدو نقابي من صفاقس .طلبت من الزعيم فرحات حشاد أخذ الكلمة بصفتي كاتبة عامة لشعبة الربط النسائية الدستورية بصفاقس مع الأخوات مجيدة بوليلة وفطومة النملة وغيرهما فقد مني بصفتي الدستورية وابنة نقابي  ...قدمت كلمتي للتعريف بالشعبة النسائية ومانقوم به من نشاط  ومن تحسيس الرجال بضرورة مشاركة المرأة في النضال والدعوة إلى تعليم البنت ومعانات أغلب الأسر من الفقر والجهل ومن ظلم المستعمر   ... أذكر أنه صفق لي  والحضور عدة مرات وشجعني بابتسامته المعهودة وبالتصفيق قائلا لي نضالنا وأهدافنا واحدة من أجل الوطن. أدركت مرة ّأخرى مليا إنه فعلا يتميز بالتوفيق بين تحقيق الأهداف الوطنية العليا وبين مصالح العمال وأهداف الاتحاد العام التونسي للشغل.

حشاد يعتبر أن لا فرق بين اتحاد الشغل والحزب  الدستوري بل كان يعتبرهما هيكلين متكاملين يعملان في نفس الاتجاه ومن أجل نفس الغايات، وقد عبر حشاد عن هذا الاقتناع في العديد من المناسبات سواء بالفعل أو بالقول ولم يترك فرصة إلا وأكد عن هذه القناعة بالفعل خاصة في الفترات الصعبة .بكل ثبات وعزيمة  حتى تم اغتياله من طرف اليد الحمراء يوم 5 ديسمبر1952.

بكيت عليه بحرارة لاستشهاد هذا الزعيم الفذ، حرصت كل الحرص على حضور جنازته لكن كان ذلك مستحيلا حيث أن السلط  الاستعمارية قررت أن يجري موكب جنازته في إطار عائلي بحت خشية أن تحول الجنازة إلى مظاهرات معادية للاستعمار.

عملت بجمع وفد عن الشعبة النسائية الدستورية بالربط ومن الشباب الدستوري بالمنطقة واتجهنا إلى جزيرة قرقنة على ظهر سفينة بالشراع وبقينا قرابة 12 ساعة واقتربنا  الى اليابسة وركبنا عربة يجرها حصان قادر على دخول البحر في ارتفاع متوسط للماء وأخذنا مسالك ترابية عديدة حتى وصلنا منزل الزعيم الراحل فرحات حشاد ببلدة العباسية ووجدنا أوري التراب أمام المنزل تحت شجرة الزيتون  ودخلنا بيت الشهيد وواسينا العائلة وأرملته السيدة آمنة التي كانت مثالا للصبر والطيبة مرددة أن أبناء حشاد ليسوا يتامى بفقدان والدهم هم أبناء كل الشعب التونسي الذين ضحى حشاد من أجلهم.

لقد مات حشاد وصوته الصادق يتردد على مسامعنا ( أحبك يا شعب)

 

عضوات الشعبة النسائية الدستورية بالربض،السيدة الدّو وفاطمة وصالحة القايد ونزيهة وحبيبة صّوة في زيارة ترحم ووقوف على ضريح الشهيد فرحات حشاد بجزيرة قرقنة أمام منزله بالعباسية بمعية أبناء الشهيد: نورالدين وناصر وجميلة وسميرة.

 واصلت زيارات الترحم على حشاد في جزيرة قرقنة في كل مرة في عدة مناسبات إلى أن انتقل جثمانه الطاهر إلى تونس العاصمة حيث كنت من بين المشاركين في الموكب وحظيت بتوثيقه بالصورة ونشرت البعض في الصحافة [3]وفي المعرض الوثائقي عن حشاد في خماسينية استشهاده في جزيرة قرقنة وقدمت شهادة عن ماأعرفه عن هذا الزعيم الخالد وحصل لي شرف القيام ببعض التساجيل الصوتية مع زوجته ومع بعض النقابيين ممن عايشوة منذ الطفولة إلى الاستشهاد وشهادات لنساء مناضلات وجدن منه كل التشجيع والتعاون معه  في مواقفه الخالدة وجمعت مادة تستحق النشر  والتوثيق كمادة مرجعية أتمنى  نشرها .

عضوات شعبة الربض في بيت الشهيد فرحات حشاد بجزيرة قرقنة على اليمين صالحة القايد وأمامها الناصر نجل الشهيد وعلى يمينها أرملة الشهيد ثم فاطمة القايد ثم السّيدةالدو ونورالدين حشاد وابن عمه.

 قدمت  للسيد نور الدين حشاد نجل الشهيد  صور نادرة عن دفن الشهيد فرحات حشاد بجزيرة قرقنة وعن تحويل جثمانه من قرقنة إلى تونس مرورا بصفاقس سنة 1955،  وبعض الوثائق المكتوبة. كما اهديت بعض الصور لمتحف العباسية بقرقنة لمؤسسه الدكتور عبد الحميد الفهري،. وساهمت في تأثيث المعرض الوثائقي بمناسبة مرور خمسين عاما على استشهاد الزعيم فرحات حشاد بجزيرة قرقنة 2002. وقدمت شهادة بالمناسبة.

قالت السيدة آمنة حشاد أم الخير :

عندما استشهد زوجي كان عمري لا يتجاوز اثنتين وعشرين سنة. عشت على ذكراه، وتفرغت لتربية أبنائي، وصنعت منهم إطارات في خدمة الوطن، أوفياء له، معتزين بتاريخ والدهم.

إبني الأكبر نور الدين متخرج من جامعة السربون، دكتور في التاريخ، ويحتفظ بعدة وثائق هامة جدا عن نشاط والده داخل وخارج الوطن واستشهاده. وكان له الإسهام الأكبر في حل الأزمة النقابية في الثمانينات. وعمل وزيرا للشؤون الاجتماعية. وفي عهد التغيير تحمل عدة مسؤوليات في الحكومة داخل وخارج الوطن. وهو اليوم ممثل لتونس في جامعة الدول العربية. أما الناصر، فلمّا استشهد والده كان عمره خمس سنوات، درس وتخرج. كان يشتغل ملحقا اجتماعيا بالسفارة التونسية بمدينة "ننتار" الفرنسية. وله صفات عدة مورثة عن أبيه رحمه الله، فهو يحب الناس والشعب. جميلة مجازة في اللغة والآداب الفرنسية. وسميرة هي البنت التي تركها والدها رضيعة في المهد في سن ستة أشهر، تعلمت ونجحت في حياتها الدراسية والمهنية والعامة.

ومن جهتي منحتهم كل الرّعاية والحب والحنان النابع من قلب كل أم تحمل رسالتين في نفس الوقت: رسالة الأم والأب، خاصة عندما يكون هذا الأب شهيد الوطن. عشنا محترمين في كل الفترات، لكننا كنا عائلة متوازنة والحمد لله.

وفي 5 ديسمبر من كل سنة، تقام ذكرى استشهاد الزعيم فرحات حشاد بإشراف رئيس الدولة لإعطاء العبرة لكل مخلص لوطنه، ويتذكر التونسيون والإتحاد العام التونسي للشغل والشعب عامة حادثة استشهاد فرحات حشاد الإنسان الذي أحب شعبه. 

المصادر:

* حوارات شفوية مع أرملة الشهيد في عدة مناسبات  للسيدة الدّو القايد . 

*  عينات من لقاء أجراه الصحفي فوزي عز الدين في مجلة الملاحظ

* مقالات وصور نشرتها المؤلفة بجريدة العمل 5/12/1985 بمناسبة الذكرى 33 لاستشهادحشاد.

* جريدة الإعلان 9/2/1988.

* تساجيل صوتية مع النقابيين النوري البودالي وعمر بوزيد وعبد العزيز بوراوي و بشيرة بن مراد وأسماء بالخوجة  وخديجة شعوروالسيدة الدو القايد نشرت البعض في كتاب الهادي شاكر علم في الذاكرة سنة 2003   وفي كتاب منارات الفجر سنة 2006.

 السيدة الدّو القايد مع تحياتي


[1] طالع شهادة المناضل النقابي عمر بوزيد في كتاب الهادي شاكر علم في الذاكرة.

 [2] عزوز الرباعي، من مواليد 16 جوان 1919، متحصل على شهادة المحاماة. ناضل منذ شبابه في صلب الحزب الحر الدستوري، إذ كان عضوا بالديوان السياسي مكلفا بالعلاقات مع الصحافة والدعايةّ، كما تولى رئاسة الشبيبة الدستورية، وساهم في كل المظاهرات المناهضة للاستعمار. تقلد عدة مناصب بعد الاستقلال، وانتخب بمجلس الأمة. توفي في 23 جوان 1993.

[3]  المصادر  تسجيلات صوتية  ومقال في  جريدة الحرية ديسمبر 1983  مجلة المرأة  وفي كتاب منارات على أرض قرطاج  بقلم السيدة سنة 2006 .القايد سنة 2006 .