الصفحة الرئيسية  أخبار وطنية

أخبار وطنية جدل حول التساوي في الميراث: تعزيز للتقدمية أم إلهاء عن الـمشاكـل الحقيقية؟

نشر في  11 ماي 2016  (11:57)

طفت على سطح الساحة السياسية خلال هذه الأيام مبادرة برلمانية تشريعية تقدم بها النائب المستقل المهدي بن غربية ومتعلقة بمشروع قانون تحديد المنابات في الميراث الذي أودعه صاحبه يوم 4 ماي لدى مكتب الضبط بمجلس نواب الشعب. وقد وقّع عليه 27 نائبا ينتمون إلى كتل متنوعة ما عدا كتلة حركة النهضة.
وينص المشروع أنه في حال «غياب اتفاق صريح ومكتوب بين الورثة، تقسم التركة باعتماد التساوي في المنابات بين المرأة والرجل عند التساوي في الوضعيات».
ومباشرة إثر إعلان بن غربية عن هذه المبادرة التشريعية، لم تتوقف ردود الأفعال المتناقضة بين رافضين لها منقسمين بين من اعتبروها منافية لروح النص القرآني من ناحية ومن اعتبروها تحويلا لوجهة اهتمامات التونسيين نحو قضايا جانبية وهامشيّة من ناحية أخرى.
ومن بين المؤيدين لها من أكّدوا أن هذه المبادرة التشريعية تأتي تدعيما لما نادت به القوى الديمقراطية المطالبة بالمساواة والتناصف بين الرجل والمرأة في شتى المجالات والقطاعات بما في ذلك الميراث..
ونتيجة لما أثاره مشروع القانون الذي تقدم به مهدي بن غربية من جدل كبير في صفوف عموم التونسيين والنخبة السياسية، ارتأت أخبار الجمهورية  تسليط الضوء على مواقف أبرز الأحزاب السياسية من هذا المشروع فكانت الورقة التالية..

موقف حركة نداء تونس...

اكّد سفيان طوبال رئيس الكتلة البرلمانية لحركة نداء تونس، انّ كتلة النداء ضدّ مشروع القانون الذي تقدم به النائب المستقل مهدي بن غربية حول المساواة في الإرث بين المرأة والرجل.
وقال طوبال أن العديد من التونسيين يعتبرون انّ افتعال هذه القضية مخالف للعادات والتقاليد وليس الشرع فقط، وانّ طرحها ليس ملائما في هذه الفترة الحالية.
في المقابل شدّد محدثنا على انّ عدم موافقة حركة نداء تونس على مشروع القانون الذي تقدم به بن غربية، لا ينفي أنها دائمة الاصطفاف مع حقوق المرأة وأنها مستمرة في المطالبة بتدعيم مكاسبها والحفاظ عليها.

موقف حركة النهضة...

من جانبه أكد الناطق الرسمي باسم حركة النهضة أسامة الصغير في تصريح لأخبار الجمهورية أنّ الحركة سوف تعلن عن قرارها النهائي بشأن مشروع القانون الذي تقدم به بن غربية، بعد الاطلاع على محتواه وقراءة فحواه.
وقال الصغير في ذات الإطار: «حركة النهضة في التزام تام بالتقاليد التونسية التي تحترم الشرع وسنكون مع من يحترمها وضد من لا يحترمها، وعلى كل الأحوال نحن في انتظار معرفة محتوى هذه المبادرة للحكم عليها».
في المقابل اعتبر رئيس كتلة حركة النهضة بمجلس النوّاب، نور الدين البحيري أن من شأن هذه المبادرة أن تُسبِب المشاكل وإثارة الفتن وزعزعة ثقة المواطن في النخبة السياسية وخاصة في المجلس، مُشيراً إلى أنّ المُبادرات التي تُطرح في المجلس يجب أن تُلبي أولويات الشعب الواضحة.
هذا وأشار نور الدين البحيري، في تصريح إعلامي أنّ نوّاب كتلة حركة النهضة لا يقبلون تحليل الحرام أو العكس، مشيرا إلى ضرورة أن لا تكون المُبادرات التشريعية التي تُقدّم من النوّاب ذات هدف خاص أو ذاتي لتلبية «الشهوات الخاصة» وفق تعبيره.

موقف حزب آفاق تونس...

بدوره اتهم الأمين العام لحزب آفاق تونس فوزي عبد الرحمان في حوار له على موجات اذاعة جوهرة أف أم، النائب مهدي بن غربية بالعمل على تفرقة المجتمع التونسي بسبب دعوته للمساواة في الميراث.
وأكد فوزي عبد الرحمان انّ طرح هذه القضية في هذه الفترة بالذات هدفها التغطية على عدد من المشاكل الحقيقية داخل المجتمع، مشيرا إلى أن هذه الدعوة هي حق أريد به باطل على حد  تعبيره.
وطالب المتحدث في ذات السياق زميله النائب بن غربية، إلى طرح مبادرات تشريعية عاجلة تهم المواطن في حياته اليومية.  

موقف الجبهة الشعبية...

النائب عن الجبهة الشعبية عمّار عمروسية أكد في بداية مداخلته انّ مشروع القانون الذي تقدم به مهدي بن غربية لا يتعلق بالمساواة في الميراث بل يتعلّق بتقسيم المنابات في حال التوافق بين الورثة والتراضي فيما بينهم.
وفي ما يخص موقف كتلة الجبهة الشعبية بخصوص هذه المبادرة، قال عمروسية إن الجبهة تعتبر توقيت طرح هذه المبادرة في هذه الآونة بالذات خاصة في ظل المعضلات الأمنية والاقتصادية والاجتماعية يمكن له أن يكون مطية في يد بعض القوى الرجعية، لخلط الأوراق وإلهاء الناس عن مشاكلهم المستعجلة.
في المقابل شدد محدثنا على أن الجبهة الشعبية مع المساواة التامة بين الجنسين إلا انّ الوضع الحالي لا يسمح بطرح مثل هذه المبادرات التي سوف تعيد بعض التونسيين إلى النقاش حول الهوية ومربع الإسلام في حين أننا في غنى عن كل هذه الجدالات المفتعلة..

 موقف كتلة الحرّة..

وفي اتصال مع أخبار الجمهورية، استنكر النائب بمجلس الشعب عن كتلة الحرة وليد جلاد تقديم زميله النائب مهدي بن غربية لهذا المشروع متسائلا عن أسباب طرحه في هذا الوقت بالذات ولصالح من يتم تمريره.
 واعتبر وليد جلاد انّ هذه المبادرة هي مجرد لعبة واتفاق جمع مهدي بن غربية وحركة النهضة لتمرير المصرفية الإسلامية على حد تعبيره..
وفي ختام مداخلته شدّد جلاد على انّ كتلة الحرة ترفض رفضا قطعيا مشروع قانون الميراث، قائلا انّ بلادنا تمر اليوم بحالة صعبة على جميع المستويات وتحتاج لتمرير مبادرات تشريعية تستجيب لمتطلبات وحاجيات الشعب الملحة في هذا الظرف الحالي..
هذه قائمة النواب الممضين على مشروع قانون الميراث
أعلن النائب المستقل مهدي بن غربية خلال ندوة صحفية واكبها زميلنا نضال الصيد يوم الاثنين الماضي، أنه تم ايداع مشروع قانون تحديد المنابات في الميراث يوم 4 ماي لدى مكتب الضبط بمجلس نواب الشعب، وقد وقّع عليه 27 نائبا ينتمون إلى كتل متنوعة ما عدا حركة النهضة وهم:
مهدي بن غربية ـ يوسف الجويني ـ لطفي علي ـ احمد السعيدي ـ فيصل خليفة ـ نور الدين مرابطي ـ ناصر شنوفي ـ محمد راشدي ـ فاطمة مسدي ـ صبرين القوبنتيني ـ زهرة ادريس ـ ليلى حمروني ـ ليلى شتوي ـ بلقاسم دخيلي ـ ليلى زحاف ـ طاهر بطيخ ـ جيلاني همامي ـ نزار عمامي ـ عمار عمروسية ـ وفاء مخلوف ـ عبد الرزاق شريط ـ لطفي علي ـ رياض الموخر ـ بشرى بلحاج حميدة ـ علي بن سالم ـ محمد الفاضل بن عمران ـ أيمن العلوي ـ مراد حمايدي

بن غربية: 80 ٪ من المستجوبين مع فكرة المساواة في الميراث

قال بن غربية خلال ندوة صحفية عقدها يوم الاثنين 9 ماي بالعاصمة، إن هذا المشروع هو عصارة عمل خبراء في القانون الدستوري وعلماء الاجتماع ومؤسسة سيقما كونساي للاحصاء التي بينت ما نسبته 80 % من المستجوبين يوافقون على فكرة المساواة في الميراث.
 وحول أسباب طرح مشروع هذا القانون، أكد بن غربية أن الدراسات الاجتماعية والاقتصادية بينت أن الابقاء على توزيع نظام حصص الميراث بين المرأة والرجل، القائم على تفضيل واضح لهذا الأخير، يساهم في الابقاء على وضعيات تبعية اقتصادية واجتماعية للمرأة بالنسبة للرجل وأن الأسباب التي قامت لتبرير هذا الاختيار قد تغيرت بتغير بنية المجتمع وتبدل الأدوار.
وفي هذا السياق، أردف بن غربية القول «المرأة التونسية حققت مكاسب متنوعة منذ الاستقلال، غير أن القانون الحالي الذي يمنحها نسبة قليلة من الميراث، يمنعها من تحصيل ثروة، وبالتالي فإن عجلة الاقتصاد قد تتعطل».
في المقابل، أوضح النائب بمجلس الشعب أن مشروع هذا القانون ليس فيه أي تعد على النص القرآني، بل يترك الحرية للاخوة في الاحتكام الى طريقة توريثهم -اما وفق الطريقة القديمة أو بالتساوي- وهو يندرج ضمن التنظيم القانوني وفق الدستور لمسألة الميراث، مضيفا أن للدولة الحق في التخلي عن بعض النصوص الدينية التي قد لا تتلاءم مع عصرها مشيرا الى تجربة الخليفة عمر ابن الخطاب في إلغاء عدة أحكام شرعية لمصلحة البلاد والعباد.
وبخصوص موقف دار الافتاء من هذا المقترح، الذي أكد أن حكم الميراث في القرآن لا نقاش أو جدل فيه، دعا بن غربية المفتي الى الاطلاع على مشروع هذا القانون قبل ابداء اي موقف منه.
 نضال الصيد

ملف من إعداد: منارة تليجاني