الصفحة الرئيسية  أخبار وطنية

أخبار وطنية الارهاب تحت مجهر التونسيات: أمن الدولة قبل حقوق الانسان

نشر في  04 جوان 2014  (10:48)

 لم تمر الحادثة الأخيرة التي اهتزت على اثرها ولاية القصرين دون ان تخلف ورائها اكثر من نقطة استفهام وتطرح عديد الاسئلة التي لم نجد لها الى حد هذه اللحظة إجابات مقنعة وما تدعمه الحجج الدامغة ... حادث اجرامي آخر راح ضحيته اربعة من بواسل تونس ..ولعل ما عاشته بلادنا مؤخرا يدفعنا الى دق نواقيس الخطر، فالارهاب اقتحم أماكن العمران وبات يهدد حياة واستقرار المواطن ... ولا بدّ في هذه المرحلة من التوقف للحظات لاعادة الشريط واتخاذ القرارات الحاسمة والاجراءات اللازمة لاستئصال هذه الآفة ...
اخبار الجمهورية حملت اكثر من سؤال ووجهته لنساء تونسيات حول اسباب تسرب وتمركز الارهاب في تونس؟ وعن مسؤولية الترويكا في انتشار ظاهرة الارهاب ؟ وبخصوص الاقاويل التي ترددت عن اختراق الجهاز الامني وتواطؤ بعض القيادات الامنية ؟ كما طرحنا سؤالا حول الاجراءات التي يجب اتخاذها للخروج من هذه الازمة وبطبيعة الحال طرحنا استفسارا حول محاولة بعض الجهات اضعاف قانون مكافحة الارهاب  واسئلة عديدة اخرى تجدون الإجابة عنها في التحقيق التالي...
كما خرجنا إلى الشارع التونسي ورصدنا لكم اراء مجموعة من النساء حول الارهاب  

فاطملة الورتاني: نمتلك الكفاءآت ولا نمتلك الإمكانات


أكدت فاطمة الورتاني الكاتبة العامة لنقابة أعوان وإطارات اقليم تونس أن الاسباب الرئيسية لتسرب وتمركز الارهاب في تونس هي ضعف المنظومة المعلوماتية بعد الثورة مضيفة أن المؤسسة الأمنية كانت تعتمد على منظومة استعلام مما يسهل عليها الدور الوقائي والتصدي للارهاب و السيطرة على الارهابين في وقت وجيز، وهو ما جعل المواطن يشعر بالامن في السابق، اما اليوم فقط ضعفت هذه المنظومة وهو ما سهل عملية تمركز الارهاب على حدّ تعبيرها، واشارت محدثتنا الى انه بعد الثورة تم وضع مخطط جهنمي لاضعاف وزارة الداخلية والامن التونسي، وقالت:«نظرا الى ان المواطن التونسي اصبح غير متعاون مع الجهاز الأمني ولا يوفر له المعلومة نتيجة فقدانه الثقة فيه، نجح الارهاب في التسلل الى تونس وفي التفشي في كلّ ولاياتها، وهنا اشير الى ان الارهابيين نفذوا في البداية مخطط جسّ نبض المواطن وردة فعله من خلال اقدامهم على الصلاة في الشوارع والاجتماعات والحلقات وحرق العلم التونسي ومقامات الاولياء، ومن هناك انطلق الانتشار الفعلي للارهابين، من جهة أخرى اؤكد انه لو توفرت الامكانات اللازمة لوزارة الداخلية اضافة الى تعاون المواطن لما وصلنا الى هذا الحال».
وبينت فاطمة الورتاني ان الاشكال الاساسي المطروح اليوم هو ضعف الامكانات وهو ما يجعل من امكانيّة القضاء على الارهاب ضعيفة جدا وقالت:«للأسف أبسط ظروف العمل غير متوفر للأمنيين، فعلى الذكر لا الحصر معظم المراكز الأمنية تفتقر حتى الى سيارات ادارية على غرار منطقة سيدي حسين .. اليوم نحن نمتلك العزيمة والكفاءات لكننا لا نمتلك الامكانات».
من جهة أخرى، وبخصوص الاحداث الاخيرة التي عاشتها ولاية القصرين أكدت فاطمة الورتاني ان كل ما يقال ويشاع عن تأخر التعزيزات الامنية هو مجرد مغالطات مضيفة ان تأخر اعوان الأمن لم يتجاوز الربع ساعة وليس كما تم ترويجه من ان التعزيزات وصلت بعد قرابة الساعة وارجعت سبب التأخر الى ضعف التجهيزات والامكانات.
وبخصوص الاجراءات التي يجب اتخاذها للتصدي والقضاء على الارهاب فأكدت محدثتنا ان المواطن مطالب بتوفير المعلومة وان يؤمن بان مقاومة الارهاب هو دوره قبل ان يكون دور رجل الامن، اضافة الى ضرورة تحمل الاولياء مسؤولياتهم والاحاطة بأبنائهم، كما اشارت الى ان المقاومة تكون بالوقاية اي بتوفير منظومة استعلامية قوية كذلك توفير الامكانات والتجهيزات واللباس الواقي للرصاص وعدم الاكتفاء بالصدريات، ومن السبل الاخرى للتصدي الى هذه الآفة حسب محدثتنا هي تقوية الاسطول الامني وحسن توزيع المهام، اضافة الى ضرورة تطبيق وتفعيل قانون مقاومة الارهاب وخاصة معاقبة ومحاسبة الارهابيين لا اطلاق سراحهم لاسباب مجهولة  على حد تعبيرها .
وختمت محدثتنا كلامها بالتأكيد أن مقاومة الارهاب اليوم لن تكون بالتصريحات والتجاذبات السياسية والتركيز على مسائل قديمة كموضوع اطلاق سراح أبو عياض قائلة:» تنظيم انصار الشريعة ليس ابو عياض فابو مصعب الزرقاوي مات لكن تنظيمه مازال قائما ونفس الأمر بالنسبة الى بن لادن فبموته لم تختف القاعدة وبالتالي لا يجب اليوم التركيز على ابو عياض بل على التنظيم ككل».

بشرى بلحاج حميدة: الترويكا متورطة في انتشار الإرهاب


ذكرت الحقوقية بشرى بلحاج حميدة أن الاحداث الاخيرة التي عاشتها منطقة القصرين دفعت بالمواطن الى الشكّ والشعور بانه وقع اختراق المؤسسة الأمنية.
واشارت الى ان هذه الشكوك تتدعم بمعرفة حقيقة الانتدابات التي حدثت صلب الوزارة التي كانت على اساس العفو التشريعي العام والذي تمتع به اشخاص لهم علاقة بالارهاب حسب تعبيرها وكان من المفروض عدم تمتع هؤلاء بهذا العفو .
وذكرت بشرى بلحاج حميدة ان اختراق المؤسسة الأمنية بان بالكاشف كذلك في حادثة هروب ابو عياض من جامع الفتح بعد تلقي معلومات تأمر بعدم القبض عليه، واشارت الى ان رئيس الحكومة مهدي جمعة ما فتئ يطمئن الشعب التونسي من خلال خطاباته، مضيفة انه مطالب بطمئنتهم عبر كشف الحقائق المخفية والأطراف المتورطة والزام وزارة الداخلية بتقديم كل المعطيات حول هذا الملف وخاصة كشف هوية الطرف السياسي الذي يقف وراء حادثة هروب ابو عياض .
واكدت محدثتنا ان مستوى التدخلات والتعزيزات الأمنية كان ضعيفا وهو ما زاد في شعور المواطن بعدم الارتياح خاصة بعد احداث القصرين التي جعلت البعض يعتقد ان لوزارة الداخلية يدّ في دعم الارهابيين
وذكرت بلحاج حميدة أن حكومة الترويكا متورطة في انتشار الارهاب بطريقة شبه مباشرة وذلك من خلال غضها النظر عن تفشي ظاهرة الارهاب وعدم تعاملها بجدية معها.

ألفة العياري: إذا تعلّق الأمر بأمن الدولة فلا تتحدّثوا عن حقوق الإنسان

الفة العياري كاتب عام النقابة العامة لموظفي السجون و الإصلاح ذكرت أن السبب الرئيسي لاستفحال ظاهرة الارهاب هو التراخي في اتخاذ القرارات الحاسمة بخصوص هذا الملفّ، اضافة الى عدم ايلاء المجلس التأسيسي الاولوية والاهمية الى هذا الملف رغم خطورته اضافة الى عدم اتخاذ رئاسة الجمهورية هي الاخرى القرار الحاسم على حدّ تعبيرها، واكدت الفة العياري ان التجاذبات السياسية فتحت المجال هي الاخرى لتوغل آفة الارهاب .
وبخصوص قانون مكافحة الارهاب، اشارت كاتب عام النقابة العامة لموظفي السجون و الإصلاح أن المؤسسة الأمنية يجب أن تضرب بقوة، مبينة في سياق آخر ان تطفل بعض الجمعيات والمنظمات وتدخلها في عمل المؤسسة الأمنية وخاصة تلك التي لها بعدا دينيا زاد في توتر الاوضاع، مضيفة ان هذه الجهات لا تريد الاقتناع بأن جريمة الارهاب ليست جريمة حق عام وان هذه الآفة هي عبارة عن خطر كبير جدا من شأنه ان يؤثر على استقرار البلاد وأمنها وسلمها وتساءلت ألفة العياري:» متى يستفيق كل هؤلاء ويدركون حجم الخطر الذي يداهمنا ويتعاملون بجدية مع الموضوع ويدركون ان حياتنا مهدّدة، فالاغتيالات باتت دورية رغم المقاومة المستمرة ، متى يستفيق المجلس التأسيسي ويولي كلّ الأهمّية لهذا الخطر الذي بات يهدّدنا ويستغني عن عقلية اللامبالاة والتراخي في التعامل معه»
وذكرت ألفة العياري انه تم مؤخرا عقد اجتماع أمني في القصرين اتخذت على اثره مجموعة من الاجراءات والقرارات التي تم رفعها الى وزير الداخلية للنظر فيها مؤكدا انّ اعوان الامن تدخلوا ليقينهم ان البلاد تجابه خطرا كبيرا كما طالبت بضرورة التحرك الاعلامي والمجتمع المدني وكل مواطن تونسي لايقاف نزيف هذا الخطر والضرب بقوة واتخاذ القرارات الحاسمة وطالبت بضرورة النأي بالمؤسسة الأمنية عن كل التجاذبات السياسية وان تكون مستقلة تماما بعيد عن الاحزاب السياسية وتطفل المنظمات والجمعيات التي ما فتئت تتدخل باسم حقوق الانسان قائلة:» اذا تعلق الامر بأمن الدولة فلا تحدثني عن حقوق الانسان».
وختمت بقولها: «ان الاستهتار بجريمة الارهاب واعتبارها جريمة عادية وعدم منحها الاهمية التي تستحق سيجعل الارهاب يتفاقم ويستفحل».

رشيدة النيفر: التعتيم الإعلامي لا يخدم الملف

من جهتها بينت عضو الهيئة العليا المستقلة للاعلام السمعي البصري رشيدة نيفر أن غياب الاعلام الكافي حول الاحداث الارهابية وعدم توفر عمل استقصائي حقيقي بخصوص ملف الارهاب هو السبب الرئيسي وراء انعدام الرؤية الواضحة لفهم خلفيات ظاهرة الارهاب وتفشيها مضيفة ان المواطن التونسي ملّ اعادة سماع نفس التحاليل مع تكرر العمليات الارهابية .
واشارت رشيدة نيفر أن اخطر ما في المسألة هو غياب ضمان حق المواطن في حوز  المعلومة الصّحيحة حول الارهاب، مؤكدة في نفس السياق وجود منظومة كاملة من المغالطات وتواتر الاشاعات زاد الامر سوءا، مؤكدة أن هذا التعتيم الاعلامي لا يخدم الملف وقالت:«ان الاحداث الاخيرة التي عاشتها ولاية القصرين خلفت اكثر من نقطة استفهام نظرا الى الغموض الذي يحيط بالواقعة وغياب التفسير المقنع والحجج الدامغة».
وطالبت رشيدة نيفر بضرورة اضفاء مزيد من الشفافية في التعامل مع ملف الارهاب وضمان حق المواطن في الاعلام وتوفير المعلومات ما عدى تلك المتعلقة بسرية الابحاث، وبينت ان الخطاب الحكومي وخطاب الطبقة السياسية يجب ان يكون خطابا مسؤولا ولا يكتفي بتراشق التهم واثارة البلبلة وحالة من عدم الاطمئنان، مشيرة الى ان كل الخطب والتصريحات الاعلامية هي عبارة عن عملية استخفاف واستبلاه للمواطن وهو ما دفع بهذا الأخير الى البحث عن التحاليل والمعلومات عبر المواقع الاجتماعية وهو ما أزم الوضع أكثر».

مواطنات تتحدّثن: بين اللّوم والعتاب والخوف من الإرهاب

فاطمة العباسي: أكدت ان العناصر الارهابية اعتمدت سياسة المراحل واليوم وصلت الى مرحلة اغتيال الامنيين ومحاولة ربح المواطن من خلال عدم استهدافه مباشرة مؤكدة ان هذا النموذج هو نموذج طالباني بامتياز وذكرت ان المرحلة القادمة ستنتقل هذه العناصر الى تنفيذ مخططها  وهو اغتيال المواطنين عبر التفجيرات والعمليات الانتحارية.
واكدت محدثتنا ان المواطن مطالب بعدم الخوف حيث قالت:«اذا تسلل الخوف الى قلوبنا خسرنا المعركة وانتهت الحرب لصالحهم لذلك لا يجب ان نشعر بالخوف، فتونس بلدنا ولا يجب ان نفرط فيها»
ولم تستبعد محدثتنا في سياق حديثها تورط المؤسسة الامنية في دعم الارهابيين حيث قالت:«صراحة الاحداث الاخيرة التي شهدتها ولاية القصرين خلفت وراءها اكثر من نقطة استفهام وجعلتنا لا نثق في المؤسسة الامنية»
نخاف الإرهاب
اما بسمة فذكرت ان خوفها من انتشار ظاهرة الارهاب يزداد يوما بعد يوم مؤكدة ان تونس لم تصبح آمنة وهو ما جعل المواطن لا يشعر بالراحة بل بات يدرس جيدا كل تحركاته سواء في العمل او في الشارع وطالبت بسمة ان تسعى الحكومة وعلى رأسها وزارة الداخلية إلى توفير كل الامكانات الى الوحدات الأمنية من اجل تكثيف الحملات والتصدي للارهابيين .
من جهتها لم تخف سارة خوفها من تفشي ظاهرة الارهاب مؤكدة ان وسائل الاعلام زادت في شعور المواطن بالخوف من خلال التصريحات وبعض المغالطات، وذكرت هذه الأخيرة انّ التونسي بات يشعر بالخوف حتى في الاماكن العمومية وفي وسائل النقل حيث قالت:«شخصيا بت اشعر بالخوف بمجرد رؤيتي لشخص ملتحي، صدقا صرنا نعيش في حالة من الرعب». وختمت سارة تدخلها بالقول:«صراحة لا اطالب اي جهة بتحمل مسؤوليتها لأني متأكدة انه لا توجد أطراف قادرة على تحمل المسؤولية واتخاذ القرارات الحاسمة .
فقدنا الثقة في المؤسسة الأمنية
امل بلحسن أكدت انها فقدت ثقتها في المؤسسة الأمنية وذلك على خلفية عدم جديتها في التعامل مع الملف الارهابي مشيرة الى أنّ اعوان الأمن اظهروا تراخ كبير في التعامل مع الارهابيين وقالت:» صراحة البوليس التونسي لا يستعمل العنف ولا يكون جادا الا مع المواطن والزوالي، لكن في وقت الذروة لا نجد منه نفس الاسلوب في التعامل مع الظواهر الخطيرة كالارهاب.
واستغربت امل من غياب الرقابة على وسائل النقل العمومي وقالت:» ما معنى ان يمتطي شخص مشبوه محملا بحقائب واكياس وسائل نقل عمومية دون ان تقع عملية تفتيشه ان هذا الاستهتار ستكون عواقبه وخيمة، كما لا اخفي اني بت لا اثق في المنقبات ويجب ايجاد حلول عاجلة لهذه الظاهرة «كما تساءلت أمل عن رغبة البعض في اضعاف المؤسسة العسكرية وعدم فسح المجال لتدخل الجيش وايقاف هذا النزيف الذي قد يحول حياة المواطن الى جحيم .
تونس حرّة بنسائها
ختام جولتنا كانت مع حنان التي أفادتنا ان المواطن التونسي لا يجب ان يشعر بالخوف او يجعل الارهابيين يشعرون بانه يخاف منهم وقالت:» يجب ان نتحد ونضع اليد في اليد ونساعد المؤسسة الأمنية ونبلغ عن كل تحركات مشبوهة من اجل القضاء على الارهاب واستعادة تونس لأمنها واستقرارها.. وعلى الارهابيين ان يعلموا اليوم ان تونس حرة بنسائها ورجالها شيبها وشبابها واننا قادرون على التفوق عليهم قصر الزمن او طال ولن ترهبنا تحركاتهم ولا تفجيراتهم واغتيالاتهم ..فالشعب التونسي صامد وسيكمل المشوار غير عابئ بهم».
جملة تحمل أكثر من رسالة خيرنا ان ننهي بها تحقيقنا ليقيننا ان الشعب التونسي لن يستسلم ولن تهزمه اليد الغادرة للارهابيين  فبلدنا ليس ارض جهاد ولا ارهاب بل ارض علم وحضارة...

إعداد: سناء الماجري